للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوب ب‍: (أن). {النّاسُ:} نائب فاعل. {ضُحًى:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها، وإعلاله مثل إعلال {هُدىً} في الآية رقم [١٣] من سورة (الكهف)، والمصدر المؤول من {وَأَنْ يُحْشَرَ} في محل رفع معطوف على خبر المبتدأ، وأجيز اعتباره معطوفا على {الزِّينَةِ} ويكون التقدير: ويوم حشر الناس، والجملة الاسمية: {مَوْعِدُكُمْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{فَتَوَلّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠)}

الشرح: {فَتَوَلّى فِرْعَوْنُ:} فذهب، وأعرض عن موسى عليه السّلام. {فَجَمَعَ كَيْدَهُ} أي:

حيله، وسحره، والمراد: جمع السحرة، وآلاتهم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كانوا اثنين وسبعين ساحرا، مع كل ساحر منهم حبال وعصي. وقيل: كانوا أربعمائة. وقيل: كانوا اثني عشر ألفا. وقيل غير ذلك، وكان لهم رئيس يقال له: شمعون، هذا، ويقال: أجمع الأمر: إذا عزم عليه، والأمر مجمع، ويقال أيضا: اجمع أمرك، ولا تدعه منتشرا. قال تعالى حكاية عن قول فرعون، وأشياعه في الآية رقم [٦٤] الآتية: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ..}. إلخ. ولا يقال: أجمع أعوانه، وشركاءه، وإنما يقال: جمع أعوانه وأصدقاءه، وهذا مبني على قاعدة: يقال: أجمع في المعاني، وجمع في الأعيان، وأما قوله تعالى هنا: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ:} فصحيح لتأويله بما رأيت.

هذا؛ ويقرأ في الآية [٦٤] بقطع الهمزة: {فَأَجْمِعُوا} أي: اعزموا، وجدّوا. ويقرأ بهمزة الوصل (فاجمعوا) قال النحاس: ويصحح هذه القراءة أن المعنى أجمعوا كل كيد لكم، وكل حيلة فضموه مع أخيه. وقال الثعلبي: القراءة بقطع الألف وكسر الميم لها وجهان: أحدهما:

بمعنى: الجمع، تقول: أجمعت الشيء، وجمعته بمعنى: واحد. وفي الصحاح: وأجمعت الشيء: جعلته جميعا. قال أبو ذؤيب يصف حمرا: [الكامل]

فكأنّها بالجزع بين نبايع... وأولات ذي العرجاء نهب مجمع

أي: مجموع، والثاني: أنه بمعنى: العزم، والإحكام. قال الشاعر: [الرجز]

يا ليت شعري والمنى لا تنفع... هل أغدون يوما، وأمري مجمع؟

هذا؛ ونبايع اسم مكان، أو جبل، أو واد في بلاد هذيل. انتهى. قرطبي بتصرف. وابن هشام قال في المغني: إن «أجمع» لا يتعلق بالذوات، بل بالمعاني، كقولك: أجمعوا على كذا، بخلاف «جمع»، فإنه مشترك، بدليل قوله تعالى: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ} وقوله جل شأنه: {الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ} هذا؛ والتعبير ب‍: {ثُمَّ} وهي للتراخي، دلالة على أنه استغرق وقتا طويلا في جمع السحرة، وترتيب الحيل، ورسم الخطط، والله من ورائه محيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>