الشرح:{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ} أي: ممن يقيم الصلاة بأركانها، ويحافظ عليها في أوقاتها، وانظر الآية رقم [١١٤] من سورة (هود) عليه السّلام. {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} أي: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة، وإنما أدخل لفظة (من) التي هي للتبعيض؛ لأنه علم بإعلام الله له أنه قد يوجد من ذريته جمع من الكفار لا يقيمون الصلاة، وهذا واقع وملموس ومشاهد، وانظر شرح (ذرية) في الآية رقم [٢٣] من سورة (الرعد). {رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ:} وقد تقبل الله دعاء إبراهيم بفضله وكرمه. وقيل: المعنى: وتقبل عبادتي، وطاعتي. وتكرير النداء للمبالغة في التضرع، والالتجاء إلى الله تعالى. هذا؛ و {مُقِيمَ} أصله: (مؤقوم) حذفت منه الهمزة على نحو ما رأيت في الآية رقم [٢] من سورة (الرعد)، فصار (مقوم) ثم نقلت كسرة الواو إلى القاف قبلها بعد سلب سكونها، فصار (مقوم) ثم قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة، فصار:«مقيم».
الإعراب:{رَبِّ:} انظر الآية رقم [٣٥] لشرحه وإعرابه، {اِجْعَلْنِي:} فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره:«أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به أول. {مُقِيمَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {الصَّلاةِ} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي:} معطوفان على ياء المتكلم، وانظر الشرح، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة. {رَبَّنا:} تقدم مثله. (تقبل دعاء): فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره:«أنت». {دُعاءِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، وتقدم مثله في الآية رقم [٣٢] من سورة (الرعد)، والآية بكاملها من مقول إبراهيم على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
الشرح:{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ:} قيل: استغفر إبراهيم لوالديه قبل أن يثبت عنده أنهما عدوّان لله، وهذا أفادته آية التوبة رقم [١١٥]. هذا وقال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة؛ لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه، قال القرطبي: وعلى هذا قراءة سعيد بن جبير: «(ربّ اغفر لي ولوالدي)» يعني: أباه. وقيل: استغفر لهما طمعا في إيمانهما. وقيل:
استغفر لهما بشرط أن يسلما. وقيل: أراد آدم وحواء، وقد روي: أن العبد إذا قال: اللهم اغفر لي ولوالدي، وكان أبواه قد ماتا كافرين انصرفت المغفرة إلى آدم، وحواء؛ لأنهما والدا الخلق أجمع. هذا؛ وقرئ: «(ولأبويّ)» وفي (والديّ وأبويّ) تغليب الأب على الأم، وفيه إشعار بتفضيل الذكر على الأنثى.