للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنا». {مِنْها بِخَبَرٍ:} جار ومجرور كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما، و {بِخَبَرٍ} في محل نصب مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول أيضا. {بِشِهابٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، {قَبَسٍ:} صفة (شهاب) على تأويله بمفعول، أي: مقتبس، أو هو بدل منه على تنوينه، ومضاف، ومضاف إليه على عدم التنوين، وجملة: {آتِيكُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها. {لَعَلَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {تَصْطَلُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل خبر (لعل)، والجملة الاسمية: {لَعَلَّكُمْ..}. إلخ، تعليل لإتيانه ما رأى. وقيل: في محل نصب حال؛ أي: راجيا تأمين الدفء لكم، وتوفيره، وفيه أن الرجاء إنشاء.

{فَلَمّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨)}

الشرح: {فَلَمّا جاءَها} أي: فلما جاء موسى الذي ظن أنه نار؛ وهي نور، ووقف قريبا منها، ورآها تخرج من الشجرة، فعجب منها، كما رأيت في الآية السابقة، وأهوى إليها بضغث في يده ليقتبس منها، فمالت إليه، فخافها فتأخر عنها، ثم لم تزل تطمعه، ويطمع فيها إلى أن وضح أمرها، على أنها مأمورة لا يدري ما شأنها؟! {نُودِيَ:} ناداه الله تعالى، كما قال جل ذكره: {وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}.

{أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها:} التقدير: بورك على من في النار، وهو موسى، أو على من في قرب منها، لا أنه كان في وسطها، وقال السدي: كان في النار ملائكة، فالتبريك عائد إلى موسى، والملائكة، أي: بورك فيك يا موسى وفي الملائكة الذين هم حولها، وقيل: البركة راجعة إلى النار نفسها، ومن حولها الملائكة وموسى. وحكى الكسائي عن العرب: باركك الله، وبارك فيك. وقال الثعلبي: العرب تقول: باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك، وبارك لك، أربع لغات. قال الشاعر: [الطويل]

فبوركت مولودا وبوركت ناشئا... وبوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب

وهناك قول قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير: قدّس من في النار وهو الله سبحانه وتعالى، عنى به نفسه تقدّس، وتعالى. قال ابن عباس ومحمد بن كعب: النار نور الله عز وجل، نادى الله موسى، وهو في النور؛ وتأويل هذا: أن موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-رأى نورا عظيما، فظنه نارا، وهذا؛ لأن الله تعالى ظهر لموسى بآياته وكلامه من النار، لا أنه يتحيز في جهة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ} لا أنه يتحيز فيهما، ولكن يظهر في كل فعل، فيعلم به وجود الفاعل. وقيل على هذا: أي: بورك من في النار سلطانه، وقدرته. وقيل: أي بورك ما في النار من أمر الله تعالى الذي جعله علامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>