للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ذكر هنا: أن سليمان كان قد قصد اليمن حينما فقد الهدهد، فإذا كان قد قصد اليمن ما الذي رده عن قصده، وكيف أرسل سليمان الهدهد برسالة إلى بلقيس، وهو بصنعاء، وهل اليمن إلا صنعاء.

٣ - إن الآيات الآتية تنص على أن بلقيس بعد إلقاء الرسالة إليها، ومناقشتها مع رجال قومها أرسلت إلى سليمان هدية، فهل هذه الهدية أرسلت إليه، وهو بصنعاء، أو كان في بلاد الشام؟ ثم إن الآيات التالية تنص على أن الذي عنده علم من الكتاب أتى بعرش بلقيس، فهل أتى به إلى صنعاء، أو إلى بلاد الشام مقر ملك سليمان؟ المعتمد: أن الهدية أرسلت إليه؛ وهو في مقر ملكه، وكذا العرش أتاه به، وهو في مقر ملكه، وقد أنشأ الصرح الآتي ذكره في مقر ملكه، وانظر ما أنقله عن القرطبي في الآية التالية.

٤ - إن ما ذكر من ذبح آلاف النوق، وآلاف البقر، وآلاف الغنم في الحرم، فهل كان يحمل معه هذه الآلاف المؤلفة معه على بساط الريح، كل ذلك يحتاج إلى تأمل وتمحيص.

الإعراب: {لَأُعَذِّبَنَّهُ:} اللام: واقعة في جواب قسم مقدر، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. (أعذبنه): فعل مضارع مبني على الفتح لا تصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية جواب القسم المقدر، والقسم وجوابه في محل نصب مقول القول؛ لأنه من مقول سليمان. {عَذاباً:} مفعول مطلق. {شَدِيداً:}

صفة له. {أَوْ:} حرف عطف. {لَأَذْبَحَنَّهُ:} هذه الجملة معطوفة على ما قبلها، وإعرابها كإعرابها، وكذلك جملة: {لَيَأْتِيَنِّي،} معطوفة على ما قبلها، وسليمان عليه السّلام لم يقسم ويحلف على فعل الهدهد، ولكن لما جاء في إثر قوله: {لَأُعَذِّبَنَّهُ} وهو مما جاز به القسم أجراه مجراه. {بِسُلْطانٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مُبِينٍ:} صفة (سلطان).

{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢)}

الشرح: {فَمَكَثَ:} يقرأ بفتح الكاف وضمها، والأول من الباب الأول كنصر، والثاني من الباب الخامس كقرب، وهو بمعنى: أقام ولبث. {غَيْرَ بَعِيدٍ:} غير زمن طويل ومديد، {فَقالَ} أي: الهدهد: {أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} أي: علمت من الأمر ما لم تعلمه، وفي هذا رد على من قال: إن الأنبياء تعلم الغيب في كل الأوقات، وإنما يعلمون ما يطلعهم الله عليه في بعض الأوقات، والله قال لحبيبه محمد صلّى الله عليه وسلّم: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ..}. إلخ الآية رقم [١٨٨] من سورة (الأعراف). وفيه رد ودليل على بطلان قول الرافضة: إن الإمام لا يخفى عليه شيء، ولا يكون في زمانه أحد أعلم منه. انتهى. نسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>