للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تملك اليمن، وتحت يدها أربعمئة ملك، كل ملك على كورة، مع كل ملك أربعة آلاف مقاتل، ولها ثلاثمئة وزير، يدبرون ملكها، ولها اثنا عشر قائدا، مع كل قائد اثنا عشر ألف مقاتل، فهل أنت منطلق معي حتى تنظر إلى ملكها، قال: أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلاة إذا احتاج الماء، قال الهدهد اليماني: إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة. قال: فانطلق معه، ونظر إلى بلقيس وملكها. وأما سليمان عليه السّلام، فإنه نزل على غير ماء، فسأل الجن، والإنس عن الماء، فلم يعلموا، فتفقد الهدهد، فلم يره، فدعا بعريف الطير، وهو النسر، فسأله عن الهدهد، فقال: أصلح الله الملك، ما أدري أين ذهب؟ وما أرسلته إلى مكان. فغضب سليمان، ولم يكن معه إلا هذا الهدهد، قال: لأعذبنه... إلخ، ثم دعا العقاب، وهو أشد الطير طيرانا، فقال:

علي بالهدهد الساعة، فارتفع العقاب في الهواء حتى نظر الدنيا كالقصعة بين يدي أحدكم، ثم التفت يمينا، وشمالا، فرأى الهدهد مقبلا من نحو اليمن، فانقض العقاب يريده، وعلم الهدهد: أن العقاب يقصده بسوء.

فقال: بحق الذي قواك، وأقدرك علي إلا ما رحمتني، ولم تتعرض لي بسوء! فتركه العقاب، وقال: ويحك! إن نبي الله قد حلف أن يعذبك، أو يذبحك. فسارا متوجهين نحو سليمان عليه السّلام، فلما انتهيا إلى العسكر؛ تلقاه النسر، والطير، وقالا له: ويلك! أين غبت في يومك هذا؟ فلقد توعدك نبي الله. وأخبراه بما قال سليمان، فقال الهدهد:

أو ما استثنى نبي الله؟ فقالوا: بلى إنه قال: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ}. فقال: نجوت إذا، وكانت غيبته من الزوال، ولم يرجع إلا بعد العصر، فانطلق به العقاب حتى أتيا سليمان، وكان قاعدا على كرسيه، فقال العقاب: قد أتيتك به يا نبي الله! فلما قرب منه الهدهد، رفع رأسه، وأرخى ذنبه، وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا لسليمان، فلما دنا منه أخذ برأسه، فمده إليه، وقال له: أين كنت؟ لأعذبنك عذابا شديدا! فقال: يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل. فلما سمع سليمان ذلك منه ارتعد وعفا عنه، ثم سأله: ما الذي أبطأك عني؟ فقال الهدهد: أحطت بما لم تحط به... إلخ، انتهى. خازن، ونقله عنه الجمل بحروفه، وفي الكشاف قريب منه.

تنبيه: في هذا النص تعارض بينه وبين ما ذكرته في شرح الآية رقم [١٨] نقلا عن الخازن، والجمل من وجوه:

١ - هناك ذكر: أن سليمان-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-مر على البيت الحرام، ورأى حول الكعبة أصناما تعبد من دون الله تعالى... إلخ، وهنا ذكر أنه أقام في المسجد الحرام أياما طوالا، فذبح ما ذبح، وأدى نسكه... إلخ، فكيف غفل الخازن ونقله عنه الجمل هنا، وهناك؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>