للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَقْضِ... إلخ في محل نصب مفعول به، وهو مفسر لمعنى: (نادوا). {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى الله. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {ماكِثُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.

{لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨)}

الشرح: {لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ} أي: بإنزال الكتب، وإرسال الرسل. يحتمل أن يكون هذا من تتمة كلام مالك، عليه السّلام؛ الذي أجابهم به. ويحتمل أن يكون من كلام الله مقررا لجواب مالك، ومبينا لسبب مكثهم. وهذا الخطاب للتوبيخ، والتقريع على الاحتمالين. {وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ:} لا تتقبلونه، وتنفرون، وتشمئزون منه؛ لأنّ مع الباطل الدعة، والراحة، ومع الحق التعب، والجهد في عبادة الله، وطاعته، والمراد بالأكثر: الكل. وقيل: أراد بالكثرة الرؤساء، والقادة منهم، وأما الأتباع فما كان لهم أثر، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {لَقَدْ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف، التقدير:

والله. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جِئْناكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية لا محلّ لها على الوجهين المعتبرين في اللام. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من (نا) أي: ملتبسين بالحق، والكلام في محل نصب مقول القول لقول محذوف، إن كان من قول الله تعالى، أو من مقول مالك حسبما رأيت في الشرح. {وَلكِنَّ:} الواو: حرف عطف، أو هي واو حال. {وَلكِنَّ:} حرف مشبه بالفعل.

{أَكْثَرَكُمْ:} اسم (لكنّ)، والكاف في محل جر بالإضافة. {لِلْحَقِّ:} متعلقان بما بعدهما.

{كارِهُونَ:} خبر (لكنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الكاف، والرابط: الواو، والضمير، وإن عطفتها على ما قبلها؛ فحكمها حكم سابقتها.

{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنّا مُبْرِمُونَ (٧٩)}

الشرح: قال مقاتل-رحمه الله تعالى-: نزلت في تدبيرهم المكر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في دار الندوة، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل الخبيث عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل؛ ليشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه، فنزلت هذه الآية، وقتل الله جميعهم يوم بدر. انتهى. قرطبي.

أقول: انظر تفصيل ذلك في الآية رقم [٣٠] من سورة (الأنفال) والمعنى: أم أحكموا كيدا؛ فإنا محكمون لهم كيدا. قاله ابن زيد، ومجاهد، فهو كقوله تعالى في سورة (الطور) رقم [٤٢]:

{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ}. هذا؛ واستعمال العقاب، والجزاء بلفظ الإبرام والكيد من قبل الله تعالى للكافرين إنما هو من باب المشاكلة، وقد مرّ معنا كثير من هذا. هذا؛ والإبرام:

<<  <  ج: ص:  >  >>