للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام مستأنف، لا محل له. {وَاصْطَبِرْ:} أمر، وفاعله: أنت، وأصل الفعل: «اصتبر» فثقل الجمع بين الصاد والتاء لاختلافهما، فأبدل من التاء طاء، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. هذا؛ وهناك من يجيز اعتبار: {رَبُّ} مبتدأ، وجملة: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ} في محل رفع خبره، وهذا على رأي: الأخفش الذي يجيز زيادة الفاء في الخبر، ولنا كلام طويل على مثل ذلك في الآية رقم [٤١] من سورة (المائدة)، والآية رقم [١٥] من سورة (النساء)، وسأعيده في الآية رقم [٢] من سورة (النور) إن شاء الله تعالى. {لِعِبادَتِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، {هَلْ:} حرف استفهام، {تَعْلَمُ:} مضارع، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لَهُ:}

متعلقان بما بعدهما. {سَمِيًّا:} مفعول به. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)}

الشرح: {وَيَقُولُ الْإِنْسانُ:} المراد به: جنس الإنسان بأسره، فإن المقول مقول فيما بينهم، وإن لم يقله كلهم، كقولك: بنو فلان قتلوا فلانا، والقاتل واحد منهم، والمراد: الكفار الذين ينكرون الحشر، والنشر، والحساب، والجزاء، أو المراد به أبيّ بن خلف الجمحي، وكان منكرا للبعث، وجد عظما باليا فتته بيده، وجاء به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقال له: يا محمد أبعث أنا بعد أن أصير عظما باليا، كما صرحت به آية سورة (يس). {أَإِذا ما مِتُّ} أي: وصرت عظما باليا.

{لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا:} قاله استهزاء، واستنكارا، فكأنه قال: أحقا أنّا سنخرج من القبور حين يتمكن فينا الموت، والهلاك؟! هذا؛ وقرئ بدون همزة الاستفهام كما قرئ: «(أخرج)» بالبناء للمعلوم. وانظر شرح: {الْإِنْسانُ} في الآية رقم [١١] من سورة (الإسراء).

الإعراب: {وَيَقُولُ:} الواو: حرف استئناف. {(يَقُولُ الْإِنْسانُ):} مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {أَإِذا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. (إذا): ظرف زمان متعلق بفعل محذوف يدل عليه {أُخْرَجُ} الآتي، ولا يتعلق به؛ لأن ما بعد لام التوكيد لا يعمل فيما قبلها. وقال الجلال: اللام زائدة، وعليه يصح التعليق بالفعل بعدها، هذا؛ واعتبرها ابن هشام واقعة في جواب قسم محذوف، وعلق (إذا) بالفعل {أُخْرَجُ}. وقال: وإنما جاز تقديم الظرف على لام القسم، لتوسعهم في الظرف، وأورد قول الأعشى، وهو الشاهد رقم [٢٦٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

رضيعي لبان ثدي أمّ تحالفا... بأسحم داج عوض لا نتفرّق

أي: لا نتفرق أبدا، و «لا» النافية لها الصدر في جواب القسم. انتهى. مغني. ثم قال:

وقيل: العامل محذوف؛ أي: أإذا ما مت أبعث لسوف أخرج. {ما:} صلة. {مِتُّ:} فعل، وفاعل، وهو في المعنى والحقيقة فعل ونائب فاعله؛ لأن الإنسان لا يموت بنفسه، والجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>