للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥)}

الشرح: {وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ:} في شك، وريب. {مِنْهُ:} من القرآن، أو من الرسول، أو من الدّين، أو مما تكلم به الشيطان على لسان الرسول صلّى الله عليه وسلّم، يقولون: ما باله ذكر آلهتنا بخير، ثم ارتدّ عنه؟ {حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً:} فجأة، وانظر الآية رقم [٤٩ و ٩٦] من سورة (الأنبياء) تجد شرح الساعة، وعلاماتها. {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ:} يعني: يوم بدر، فهو عقيم عن أن يكون للكافرين فيه فرج، أو راحة، كالريح العقيم، لا تأتي بخير، لا تنشئ مطرا، ولا تلقح شجرا، أو عذاب يوم شديد لا رحمة فيه، أو لا مثل له في عظم شأنه لقتال الملائكة فيه، وعن الضحاك: إنه يوم القيامة، فهو يوم لا ليلة بعده. انتهى. والعقيم في اللغة:

عبارة عمن لا يكون له ولد، ولما كان الولد إنما يكون بين أبوين، وكانت الأيام تتوالى قبل، وبعد؛ جعل الاتباع فيها بالبعدية كهيئة الولادة، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم؛ وصف بالعقيم. انتهى. قرطبي. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ وفي الكلام استعارة بالكناية، حيث شبه سبحانه وتعالى ما لا خير فيه من الزمان بالنساء العقيم، كما شبهت الريح التي لا تحمل السحاب، ولا تلقح الأشجار بهن تشبيها مضمرا في النفس، وإثبات العقم تخييل. انتهى. جمل بتصرف.

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف استئناف. (لا): نافية. {يَزالُ:} مضارع ناقص.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم {يَزالُ،} وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها. {فِي مِرْيَةٍ:} متعلقان بمحذوف خبر (لا يزال).

{مِنْهُ:} متعلقان بمحذوف صفة {مِرْيَةٍ}. {حَتّى:} حرف غاية وجر، بعدها «أن» مضمرة.

{تَأْتِيَهُمُ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» المضمرة بعد {حَتّى} والهاء مفعول به. {السّاعَةُ:} فاعله.

{بَغْتَةً:} حال من {السّاعَةُ} بمعنى: باغتة، أو مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير: تبغتهم بغتة، وتكون هذه الجملة في محل نصب حال من الساعة. هذا؛ وأجيز اعتبار {بَغْتَةً} مصدرا للفعل تأتي من غير لفظه، كقولهم: أتيته ركضا، فتكون نائب مفعول مطلق. و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر ب‍: {حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف أيضا، التقدير: مستمرا ذلك منهم إلى أن تأتيهم، أو إلى إتيان الساعة... إلخ. {أَوْ يَأْتِيَهُمْ:} معطوف على ما قبله منصوب مثله. {عَذابُ:} فاعله، وهو مضاف و {يَوْمٍ:}

مضاف إليه، من إضافة المصدر، أو اسمه إلى ظرفه. {عَقِيمٍ:} صفة {يَوْمٍ،} وجملة: {وَلا يَزالُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>