ولا تزييف، ولا يتلاعب به مخلوق من شيطان، وغيره من الجن، والإنس إلى يوم القيامة؛ لأن الله تعالى تكفل بحفظه، ورعايته. {فَيُؤْمِنُوا بِهِ} أي: يؤمن أهل العلم بالقرآن، ويعترفوا: أنه من عند الله. {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي: تخضع، وتطيع، وتشخع عند تلاوته، أو سماعه.
{وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: لموفق لهم ومثبت أقدامهم على الطريق المستقيم، الذي لا اعوجاج فيه، ولا انحراف، وهو دين الإسلام الذي جاء به سيد الأنام محمد عليه الصلاة والسّلام.
أما {أُوتُوا} فأصله: أوتيوا، فاستثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فصار أوتوا، ثم قلبت الكسرة ضمة لمناسبة الواو، والفعل «أتى» يستعمل لازما إن كان بمعنى: حضر، وأقبل، وقرب، كما في قوله تعالى: {أَتى أَمْرُ اللهِ..}. إلخ، ويستعمل متعديا لمفعول واحد إن كان بمعنى:
وصل، وبلغ، كما في قوله تعالى: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ..}. إلخ، وكما في الآية التالية، وأما «أتى» بمعنى: أعطى، ومنح؛ فهو ينصب مفعولين كما في هذه الآية، فإن معنى أوتوا: أعطوا، ومنحوا، ولا تنس: أن الله ذكر حال الظالمين في الآية السابقة، ثم ذكر حال المؤمنين في هذه الآية، وذلك من باب المقابلة، والمقارنة بين حال الفريقين، انظر رقم [١٤].
الإعراب: {وَلِيَعْلَمَ:} معطوف على {لِيَجْعَلَ} وهو مثله في إعرابه، وتأويل المصدر وجره... إلخ. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعله. {أُوتُوا:} ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول، والعائد، والألف للتفريق. {الْعِلْمَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، والمصدر المؤول من: {أَنَّهُ الْحَقُّ} في محل نصب سد مسد مفعولي الفعل (يعلم). {مِنْ رَبِّكَ:}
متعلقان بمحذوف حال من {الْحَقُّ،} والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {فَيُؤْمِنُوا:} معطوف على (ليعلم) بالفاء العاطفة منصوب مثله، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، واعتبار الفاء للسببية، والنصب ب: «أن» مضمرة بعدها لا بأس به. {بِهِ:} متعلقان بما قبلهما.
{فَتُخْبِتَ:} مضارع معطوف على ما قبله. {لَهُ:} متعلقان به. {قُلُوبُهُمْ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَإِنَّ:} الواو: حرف استئناف. (إن): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:}
اسمها {لَهادِ:} خبر إن مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، واللام هي المزحلقة، و (هادي) مضاف، و {الَّذِينَ} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. هذا؛ ويقرأ «(لهاد الّذين)» بتنوين الدال، فيكون الموصول مفعولا صريحا. تأمل. والكسرة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول. {إِلى صِراطٍ:} متعلقان ب: (هاد).
{مُسْتَقِيمٍ:} صفة {صِراطٍ،} والجملة الاسمية: {وَإِنَّ اللهَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.