للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهله، وماله». رواه الستّة، ومالك أيضا. ومعنى وتر: أي: نقص، وسلب أهله، وماله. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتى توارت بالحجاب».

{وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ:} مطيعين خاضعين خاشعين في الصّلاة، وغيرها. والقنوت: أن تذكر الله قائما. والقنوت: طول القيام. قاله ابن عمر-رضي الله عنهما-وقرأ قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً}. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصّلاة طول القنوت». أخرجه مسلم، وغيره، وقال الشاعر: [الرمل]

قانتا لله يدعو ربّه... وعلى عمد من النّاس اعتزل

وقال السّدّيّ-رحمه الله تعالى-: قانتين: ساكتين، دليله: أنّ الآية نزلت في المنع من الكلام في الصّلاة، وكان ذلك مباحا في صدر الإسلام، وهذا هو الصحيح؛ لما رواه مسلم وغيره عن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: كنا نسلم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو في الصلاة، فيردّ علينا، فلمّا رجعنا من عند النّجاشي؛ سلّمنا عليه، فلم يردّ علينا، فقلنا: يا رسول الله! إنّا كنّا نسلّم عليك في الصلاة، فتردّ علينا! فقال: «إنّ في الصّلاة لشغلا». وروى زيد بن أرقم؛ قال: كنّا نتكلّم في الصّلاة يكلّم الرّجل صاحبه؛ وهو إلى جنبه في الصّلاة، حتّى نزلت: {وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ} فأمرنا بالسّكوت، ونهينا عن الكلام. ومن القنوت أيضا: طول الرّكوع، والسّجود، وغضّ البصر، والهدوء في الصّلاة، وخفض الجناح، والخشوع فيها. وكان العلماء إذا قام:

أحدهم يصلّي؛ يهاب الرّحمن أن يلتفت، أو يقلّب الحصى، أو يعبث بشيء، أو يحدّث نفسه بشيء من أمور الدنيا إلا ناسيا. خازن.

الإعراب: {حافِظُوا:} فعل أمر مبني على حذف النّون، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{عَلَى الصَّلَواتِ:} متعلقان بما قبلهما، والآية معترضة كما بيّنته في الشرح.

{وَالصَّلاةِ:} معطوف على ما قبله عطف خاص على عام. {الْوُسْطى:} صفة الصلاة مجرور مثله، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذّر. ({قُومُوا}): فعل أمر مثل سابقه.

{لِلّهِ:} متعلّقان بما قبلهما. {قانِتِينَ} حال من واو الجماعة. هذا؛ وجوز تعليق {لِلّهِ} ب‍: {قانِتِينَ} والمعنى لا يأباه.

{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)}

الشرح: لما أمر الله تعالى عباده بالمحافظة على الصّلوات، والقيام بحدودها، وشدّد الأمر بتأكيدها؛ ذكر الحال التي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل، وهي حال القتال، والتحام الحرب. فقال جلّ ذكره: {فَإِنْ خِفْتُمْ..}. إلخ؛ المعنى: إن لم يمكنكم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>