للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأس الإيمان، واليقين. هذا؛ وانظر ما ذكرته في آية الدّعاء المقحمة بين آيات الصّيام؛ تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.

{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ} أي: الخمس، فيأمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وحفظ حدودها، وإتمام ركوعها، وسجودها، وخشوعها، كما ثبت في الصّحيحين عن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قلت: يا رسول الله! أيّ العمل أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها». قلت: ثمّ أي؟، قال: «ثم بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال:

«الجهاد في سبيل الله». هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (المعارج): {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ} ثم ذكر ثماني صفات، وقال في العاشرة: {الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ}. وقال أبو البقاء: في {حافِظُوا} معنى لا يوجد في: احفظوا، وهو تكرير الحفظ.

{وَالصَّلاةِ الْوُسْطى:} تأنيث الأوسط، ووسط الشيء: أعدله، ومنه قوله تعالى في الآية رقم [١٤٣]: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} انظر شرحها هناك، فإنّه جيد. والحمد لله!

وقال أعرابي يمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم: [البسيط]

يا أوسط النّاس طرّا في مفاخرهم... وأكرم النّاس أمّا برّة وأبا

وإفراد الصّلاة الوسطى بالذّكر، وقد دخلت في عموم الصّلوات تشريفا لها. واختلف فيها على عشرة أقوال، والمعتمد: أنّها صلاة العصر لأحاديث صحيحة وردت في ذلك، خرّجها مسلم، وأنصّها حديث ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الصّلاة الوسطى صلاة العصر». أخرجه الترمذيّ. وعن عليّ-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال يوم الأحزاب، وفي رواية: يوم الخندق: «ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا، كما شغلونا عن الصّلاة الوسطى حتّى غابت الشّمس». وفي رواية أخرى: «شغلونا عن الصّلاة الوسطى؛ صلاة العصر». وزاد في أخرى: «ثمّ صلاّها بين المغرب، والعشاء». أخرجاه في الصّحيحين، والإمام أحمد أخرجه كذلك.

وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-، قال: حبس المشركون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صلاة العصر، حتى احمرّت الشّمس-أو: اصفرت-فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم، وقبورهم نارا». أو: «حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا». وقد خصّت صلاة العصر بمزيد من التأكيد، والأمر بالمحافظة عليها، والتغليظ لمن ضيّعها، ويدلّ على ذلك ما روي عن أبي المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة، فقال في يوم ذي غيم: بكّروا بصلاة العصر. فإن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من ترك صلاة العصر، فقد حبط عمله». رواه البخاريّ، وغيره.

وعن ابن عمر-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «الّذي تفوته صلاة العصر؛ فكأنّما وتر

<<  <  ج: ص:  >  >>