في محل جزم جواب الشرط... إلخ. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {تَبْغِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والفاعل يعود إلى:{الَّتِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {حَتّى:} حرف غاية وجر بعدها «أن» مضمرة، وهي بمعنى: إلى، أو لام التعليل. {تَفِيءَ:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد {حَتّى،} والفاعل يعود إلى: {الَّتِي} أيضا. {إِلى أَمْرِ:} متعلقان بما قبلهما، و {أَمْرِ:} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، و «أن» المضمرة، والفعل:{تَفِيءَ} في تأويل مصدر في محل جر ب: {حَتّى}. والجار والمجرور متعلقان بالفعل:{تَفِيءَ}.
{فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما:} الإعراب مثل سابقه بلا فارق. {بِالْعَدْلِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو بمحذوف حال، وجملة:{وَأَقْسِطُوا} معطوفة على جملة: (أصلحوا...) إلخ، فهي في محل جزم مثلها. {إِنْ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:} اسمها. {يُحِبُّ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله). {الْمُقْسِطِينَ:} مفعول به منصوب... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:
الشرح:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} أي: في الدين، والحرمة، لا في النسب، ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب؛ فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب، وفي الصحيحين عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسّسوا، ولا تحسّسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا».
وانظر ما ذكرته في آخر سورة (الفتح)، وانظر الاية التالية.
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} أي: بين كل مسلمين تخاصما. {وَاتَّقُوا اللهَ:} خافوه، وراقبوه في جميع أموركم، وأحوالكم، وشؤونكم. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ:} الترجي في هذه الاية، وأمثالها إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يحصل منه ترجّ، ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا في هذه الاية، والتي قبلها دليل على أنّ البغي لا يزيل اسم الإيمان؛ لأنّ الله تعالى سمّاهم إخوة مؤمنين مع كونهم باغين، قال الحارث الأعور: سئل علي-رضي الله عنه-وهو القدوة عن قتال أهل البغي من أهل الجمل، وصفّين: أمشركون هم؟ قال: لا، من الشرك فروا! فقيل: أمنافقون؟ قال: لا؛ لأنّ المنافقين لا يذكرون الله إلاّ قليلا، قيل: فما حالهم؟ قال:
إخواننا بغوا علينا. وبها استدلّ البخاري، وغيره على أنّه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية، وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج، والمعتزلة، ولأنه ثبت: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطب يوما، ومعه على المنبر الحسن بن علي-رضي الله عنهما-فجعل ينظر إليه مرة، وفي الناس أخرى، ويقول: