مبتدأ. والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها بالواو العاطفة، فهي في محل رفع أيضا، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها، والجملة الفعلية:{لا يُؤْمِنُونَ..}. إلخ في محل نصب حال مؤكدة لمضمون الجملة قبلها، أو هي مستأنفة، لا محل لها، ورجحه ابن هشام في المغني.
هذا؛ وينبغي أن تعلم: أن الآية مذكورة بحروفها في الآية رقم [٦] من سورة (البقرة)، فلذا لم يتكلم عنها أحد من المفسرين، وإنما أحالوا على سورة (البقرة)، والله الموفق، والمعين.
الشرح:{إِنَّما تُنْذِرُ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} أي: إنما ينتفع بإنذارك، وتخويفك يا محمد المؤمنون، من اتبع القرآن، وعمل بما فيه. {وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} أي:
خاف الله بالغيب؛ حيث لا يراه أحد إلا الله تبارك وتعالى، فهو يعلم أن الله مطلع عليه، وعالم بما يفعل. هذا؛ والغيب: ما غاب عن الإنسان، ولم تدركه حواسه، قال الشاعر:[الطويل] وبالغيب آمنّا وقد كان قومنا... يصلّون للأوثان قبل محمد
هذا؛ وانظر الخوف في الآية رقم [٢٨] من سورة (فاطر). هذا؛ والخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، وهو المراد منه بخشية عباد الله المؤمنين المتكررة في القرآن الكريم. هذا؛ والماضي: خشي، والمضارع: يخشى، والمصدر: خشية، والرجل خشيان، والمرأة خشيا. وهذا المكان أخشى من ذلك؛ أي: أشد خوفا. وقد يأتي الفعل:«خشي» بمعنى: علم القلبية، قال الشاعر:[الكامل] ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى... سكن الجنان مع النّبيّ محمد
قالوا: معناه: علمت. وقوله تعالى في سورة (الكهف) حكاية عن قول الخضر: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} قال الأخفش: معناه: كرهنا. {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ:} لذنوبه، وستر لعيوبه.
{وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} أي: كثير، واسع، حسن، جميل. كما قال تعالى في سورة الملك:{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}. هذا؛ والبشارة عبارة عن الخبر السار؛ الذي يظهر على بشرة الوجه أثر الفرح به، ولما كان ذلك الفرح والسرور يوجبان تغيّر بشرة الوجه؛ كان كذلك الحزن، والغم، يظهر أثرهما على الوجه، وهو الكمودة، التي تعلو الوجه عند حصول الغم، والحزن، فثبت بهذا: أن البشارة لفظ مشترك بين الخبر السار، والخبر المحزن، وعليه قوله تعالى في سورة (النحل): {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}. ولكن قد تستعمل البشارة بالشر، وبما يسوء على سبيل التهكم، والاستهزاء، كما في قوله تعالى:
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}. وهو كثير في القرآن الكريم.