بسم الله الرّحمن الرّحيم سورة (الواقعة) وهي مكية في قول الحسن، وعكرمة، وجابر، وعطاء. وقال ابن عباس، وقتادة: إلا آية منها نزلت بالمدينة، وهي قوله تعالى:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}. وهي سبع وتسعون آية، وثلاثمئة وثمان وسبعون كلمة، وألف وسبعمئة وثلاثة أحرف.
قال مسروق-رحمه الله تعالى-: من أراد أن يعلم نبأ الأولين، والاخرين، ونبأ أهل الجنة، ونبأ أهل النار، ونبأ أهل الدنيا، ونبأ أهل الاخرة؛ فليقرأ سورة (الواقعة). وذكر أبو عمر بن عبد البر في «التمهيد»: أن عثمان-رضي الله عنه-دخل على ابن مسعود-رضي الله عنه-، يعوده في مرضه الذي مات فيه، فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: أفلا ندعو لك طبيبا؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: أفلا نأمر لك بعطائك؟ قال: لا حاجة لي فيه، حبسته عني في حياتي، وتدفعه لي عند مماتي، قال: يكون لبناتك من بعدك، قال:
أتخشى على بناتي الفاقة من بعدي، إني أمرتهن أن يقرأن سورة (الواقعة) كل ليلة، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:«من قرأ سورة الواقعة كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدا». أخرجه البغوي.
الشرح:{إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} أي: إذا قامت القيامة، والواقعة: اسم للقيامة، مثل الازفة، وسميت بذلك لتحقق وجودها، ووقوعها، كما قال تعالى:{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} وسميت بذلك لكثرة ما يقع فيها من الشدائد، والمراد: النفخة الأخيرة؛ التي يخرج الناس فيها من قبورهم للحساب، والجزاء.
{لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ} أي: نفس كاذبة؛ أي: لا تكون حين تقع القيامة نفس تكذب على الله، وتكذب في تكذيب الغيب؛ لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات، فهي كقوله تعالى في سورة (غافر): {فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللهِ وَحْدَهُ} رقم [٨٤] وقوله تعالى:
{وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً} رقم [٥٥] من سورة (الحج).