للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة (الحجر). {زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ..}. إلخ: وهذه الزيادة بسبب صدهم الناس عن الإسلام بالإضافة لما يستحقونه من العذاب على كفرهم الأصلي، وقد اختلفوا في هذه الزيادة ما هي؟.

فقال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: عقارب لها أنياب كأمثال النخل الطوال. وقال سعيد بن جبير-رضي الله عنه-حيات كالبخت، وعقارب أمثال البغال، تلسع إحداهن اللسعة، فيجد صاحبها ألمها أربعين خريفا. وقال ابن عباس، ومقاتل-رضي الله عنهما-: خمسة أنهار من صفر مذاب كالنار تسيل، يعذبون فيها ثلاثة على مقدار الليل، واثنان على مقدار النهار.

وقيل: إنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير، فيبادرون من شدة الزمهرير إلى النار مستغيثين بها. وقيل: يضاعف لهم العذاب، ضعفا بسبب كفرهم، وضعفا بسبب صدّهم الناس عن سبيل الله. انتهى. خازن. وإفسادهم: هو صدّهم النّاس عن الإسلام.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَفَرُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {زِدْناهُمْ:} ماض، وفاعله، ومفعوله الأول. {عَذاباً:} مفعول به ثان. {فَوْقَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صفة {عَذاباً،} و {فَوْقَ:} مضاف، و {الْعَذابِ:} مضاف إليه، وجملة:

{زِدْناهُمْ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وأجيز اعتبار {الَّذِينَ} بدلا من واو الجماعة، كما أجيز اعتباره منصوبا بفعل محذوف، التقدير: أذم. واعتباره خبرا لمبتدإ محذوف وجوبا، التقدير: هم الذين. وعلى الوجوه الثلاثة فجملة: {زِدْناهُمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، والوجه الأول: هو المعتمد، والواضح.

{بِما:} الباء: حرف جر. (ما): مصدرية. {كانُوا:} ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة: {يُفْسِدُونَ} في محل نصب خبر {كانُوا} و (ما) وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلقان بالفعل {زِدْناهُمْ،} التقدير: زدناهم... بسبب إفسادهم. هذا؛ واعتبار (ما) موصولة، أو موصوفة ضعيف معنى. تأمل، وتدبر.

{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)}

الشرح: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ..}. إلخ انظر الآية رقم [٨٤] وفي هذا تكرير لزيادة التهديد، وشدة التحذير من ذلك اليوم على وجه، يزيد على ما أفهمته الآية السابقة، وهو أنّ الشهادة تقع على الأمم لا لهم، وتكون بحضرتهم. {وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ} أي: جئنا بك يا محمد شهيدا على قومك الذين كذبوك، وعادوك، وأخرجوك من بلدك مكة. والتعبير بالماضي عن المستقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>