{أَنْسانِيهُ:} مضارع مرفوع. وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به أول، والهاء في محل نصب مفعول به ثان، وهو يقرأ بضمه وكسره. {إِلاَّ:}
حرف حصر. {الشَّيْطانُ:} فاعل، والمصدر المؤول من: {أَنْ أَذْكُرَهُ} في محل نصب بدلا من الضمير المنصوب بدل اشتمال، وجملة: {وَما أَنْسانِيهُ..}. إلخ معترضة بين الجملتين المتعاطفتين، واعتبارها حالا من تاء الفاعل، أو من الحوت لا بأس به، والرابط على الاعتبارين: الواو، والضمير، وإعراب: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً} مثل إعراب: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً} في الآية [٦٢] والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {نَسِيتُ الْحُوتَ} فهي في محل رفع مثلها، والكلام {أَرَأَيْتَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
هذا؛ وقال مكي: {عَجَباً} مصدر إن جعلته من قول موسى عليه الصلاة والسّلام، وتقف على {الْبَحْرِ،} كأنه لما قال فتى موسى: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ}. قال موسى: أعجب عجبا.
وإن جعلت: {عَجَباً} من قول فتى موسى، كان مفعولا ثانيا ل: {وَاتَّخَذَ} وقيل: تقديره: واتخذ سبيله في البحر يفعل شيئا عجبا، فهو نعت لمفعول محذوف. وقيل: إنه من قول موسى عليه السّلام كله، تقديره: واتخذ موسى سبيل الحوت في البحر يعجب {عَجَباً،} فالوقف على عجبا في هذا التأويل حسن. انتهى. وما يقارب هذا الكلام في البيضاوي أيضا.
تنبيه: في الآية الكريمة إبدال الظاهر من الضمير، ومثله الآية رقم [٨٠] من سورة (مريم) وهذا الإبدال سائغ من ضمير الغيبة مطلقا، وكذلك سائغ إن كان ضمير حاضر، والبدل بدل بعض، أو اشتمال، فالأول: كقول العديل بن الفرخ: [الرجز]
أوعدني بالسّجن والأداهم... رجلي فرجلي شثنة المناسم
ف: رجلي بدل بعض من ياء المتكلم، ومثال الثاني: قول عدي بن زيد العبادي: [الوافر]
ذريني إنّ أمرك لن يطاعا... وما ألفيتني حلمي مضاعا
{قالَ ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤)}
الشرح: {قالَ} أي: موسى عليه السّلام. {ذلِكَ} أي: أمر الحوت، وفقده. {ما كُنّا نَبْغِ} أي: هو الذي نطلبه؛ لأنه أمارة على وجود الرجل الذي ننشده. {فَارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً} أي: فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه يقصان قصصا؛ أي: يتبعان آثارهما اتباعا. وانظر شرح {نَقُصُّ} في الآية رقم [١٣].
تنبيه: حذف نافع، وأبو عمرو، والكسائي ياء {نَبْغِ} وقفا، وأثبتوها وصلا، وابن كثير أثبتها في الحالين، والباقون من السبعة حذفوها في الحالتين اتباعا للرسم، وكان من حقها