للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل رفع مثلها، وجملة: {وَقالَ..}. إلخ معطوفة على جملة: (اتخذوا من دونه...) إلخ.

{فَقَدْ:} الفاء: حرف عطف. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جاؤُ:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {ظُلْماً:} مفعول به على اعتبار «جاء» متعديا، أو هو منصوب بنزع الخافض، التقدير: جاؤوا بظلم. وأجاز فيه السمين أن يكون حالا بمعنى: ظالمين. {وَزُوراً:}

معطوف على ما قبله على الوجهين المعتبرين فيه، وجملة: {فَقَدْ جاؤُ..}. إلخ معطوفة على جملة: (قال الذين...) إلخ، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، وقيل: الفاء الفصيحة، ولا معنى لها كما ترى.

{وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥)}

الشرح: {وَقالُوا:} القائل هو النضر بن الحارث، كان يقول: إن هذا القرآن ليس من عند الله، وإنما هو مما سطره الأولون، مثل حديث رستم، وإسفنديار. ومعنى {اِكْتَتَبَها} انتسخها محمد صلّى الله عليه وسلّم من جبر، ويسار، وعداس، وأبي فكيهة، وطلب أن تكتب له؛ لأنه كان لا يكتب، {فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ} أي: تقرأ عليه؛ لأنه كان لا يكتب. هذا؛ وانظر شرح (الآصال) في الآية رقم [٣٦] من سورة (النور)، والبكرة: من طلوع الشمس إلى الضحوة الكبرى، وهي بضم الباء، وسكون الكاف، ومثله: الإبكار، وقد قوبل بالعشي في الآية رقم [٤١] من سورة (آل عمران). هذا؛ و {أَساطِيرُ} جمع: أسطورة، وإسطارة بكسر الهمزة، فالأول مثل: أحدوثة، وأضحوكة، وأعجوبة، وجمعها: أحاديث، وأضاحيك، وأعاجيب. وقيل: واحدها: سطر بفتح السين والطاء، وأسطار: جمع، وأساطير: جمع الجمع، مثل: أقوال، وأقاويل. هذا؛ وسطر الكتابة جمعه في القلة: أسطر، وفي الكثرة: سطور، مثل فلس، وأفلس، وفلوس. هذا؛ وقد قيل في معنى {أَساطِيرُ:} إنها الترهات وهي عند العرب غامضة، ومسالك وعرة مشكلة، يقول قائلها:

أخذنا في التّرّهات، بمعنى عدلنا عن الطريق الواضح إلى الطريق المشكل؛ الذي لا يعرف، فجعلت الترهات مثلا لما لا يعرف، ولا يتضح من الأمور المشكلة الغامضة؛ التي لا أصل لها.

{الْأَوَّلِينَ:} جمع أوّل، وفيه مسائل: الأولى: الصحيح: أن أصله (أوأل) بوزن: أفعل، قلبت الهمزة الثانية واوا، ثم أدغمت في الأولى، بدليل قولهم في الجمع: أوائل، وقيل: إن أصله (ووّل) بوزن: فوعل، قلبت الواو الأولى همزة، وإنما لم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف الجمع.

الثانية: الصحيح: أن أول لا يستلزم ثانيا، وإنما معناه ابتداء الشيء، ثم قد يكون له ثان، وقد لا يكون، تقول: هذا أول مال اكتسبته، وقد لا تكتسب بعده شيئا، وقد تكتسب، وقيل: إنه يستلزم ثانيا، كما أن الآخر يقتضي أولا، فلو قال: إن كان أول ولد تلدينه ذكرا، فأنت طالق، فولدت ذكرا، ولم تلد غيره، وقع الطلاق على الأول دون الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>