للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم، فأبوا، فلما ألح عليهم الناس قصدوهم، فأصابوا منهم غلمانا حسانا صباحا، فأخبثوا، واستحكم ذلك فيهم، قال الحسن: كانوا لا ينكحون إلا الغرباء، وقيل: استحكم ذلك فيهم حتى نكح بعضهم بعضا. أقول: وهو الصحيح ويؤيده قوله تعالى في سورة (العنكبوت) رقم [٢٩]: {وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} وقال الكلبي: إن أول من عمل عمل قوم لوط إبليس أخزاه الله، وذلك: أن بلادهم أخصبت، فقصدها أهل البلدان، فتمثل لهم إبليس في صورة شاب أمرد، فدعا إلى نفسه، فكان أول من نكح في دبره، فأمر الله السماء أن تحصبهم، والأرض أن تخسف بهم. انتهى من الخازن في سورة (الأعراف).

الإعراب: {أَإِنَّكُمْ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي، (إنكم): حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {لَتَأْتُونَ:} اللام: هي المزحلقة. (تأتون): فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {الرِّجالَ:} مفعول به. {شَهْوَةً:} مفعول لأجله، أو هو حال بمعنى مشتهين، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (إنّ). {مِنْ دُونِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الواو. أو من {الرِّجالَ،} و {دُونِ} مضاف، و {النِّساءِ} مضاف إليه.

{بَلْ:} حرف عطف انتقالي من الإنكار عليهم إلى الإخبار عن حالهم التي أدت إلى ارتكاب أمثالها، وهي: اعتياد الجهل، والإسراف في كل شيء، أو عن الإنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم، أو عن محذوف، مثل: لا عذر لكم فيه، بل أنتم قوم عادتكم الجهل، والإسراف. وانظر باقي الإعراب في الآية رقم [٤٧]، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول؛ لأنها من قول لوط، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦)}

الشرح: {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ:} أتى الكلام هنا، وفي الآية رقم [٢٩] من سورة (العنكبوت) مبتدأ بالفاء، وأتى في الآية رقم [٨١] من سورة (الأعراف) مبتدأ بالواو، وقد قال سليمان الجمل نقلا عن السمين-رحمهما الله تعالى-في سورة (الأعراف): أتى هنا بقوله:

(وما) وفي (النمل) و (العنكبوت) بقوله: {فَما} والفاء هي الأفضل في هذا الباب؛ لأن المراد:

أنهم لم يتأخر جوابهم عن نصيحته، وأما الواو، فالتعقيب أحد محاملها، فتعين هنا: أنها للتعقيب لأمر خارجي، وهو القرينة في السورتين المذكورتين، لا أنها اقتضت ذلك بوضعها. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

{قَوْمِهِ} أي: المستكبرين منهم عن الإيمان، وانظر الآية رقم [١٠] من سورة (الشعراء).

{أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ:} لوطا، والمؤمنين معه من أهله. {مِنْ قَرْيَتِكُمْ:} هي: سدوم؛ التي ذكرتها

<<  <  ج: ص:  >  >>