للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشجاعة، والقوة، وغير ذلك. {شَهْوَةً:} قال البيضاوي: وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة، وتنبيه على أنّه ينبغي للعاقل أن يكون الداعي إلى المباشرة طلب الولد، وبقاء النوع، لا قضاء الوطر. انتهى.

قال عمرو بن دينار-رحمه الله تعالى-: ما نزا ذكر على ذكر في الدنيا إلا كان من قوم لوط.

هذا؛ وقد لعن الرسول صلّى الله عليه وسلّم من عمل عمل قوم لوط ثلاثا، كما لعن من أتى امرأته في دبرها أيضا.

{النِّساءِ:} أصله: النساي، تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والياء المنقلبة ألفا، فأبدلت الثانية همزة. هذا؛ ونساء اسم جمع، لا واحد له من لفظه؛ لأن مفرده: امرأة، وتجمع المرأة أيضا على نسوة، بضم النون، وكسرها، ونسوان، بكسر النون، ونسنون، ونسنين، وهذه الجموع كلها مأخوذة من النسيان، فهي مطبوعة عليه، إما إهمالا، وإما كذبا. هذا؛ والمرأة مشتقة من المرء، وهو الرجل؛ لأنها خلقت منه.

{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} أي: تفعلون فعل من يجهل قبحها، ويكون سفيها، لا يميز بين الحسن والقبيح، قال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: فسرت {تُبْصِرُونَ} بالعلم، وبعده:

{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فكيف يكونون علماء جهلاء؟! قلت: أراد: تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة، مع علمكم بذلك، أو تجهلون العاقبة وأراد بالجهل: المجانة التي كانوا عليها، فإن قلت: {تَجْهَلُونَ} صفة ل‍: {قَوْمٌ،} والموصوف لفظه الغائب، فهلا طابقت الصفة الموصوف، فقرئ بالياء، دون التاء، وكذلك: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ؟} قلت: اجتمعت الغيبة، والمخاطبة، فغلبت المخاطبة؛ لأنها أقوى، وأرسخ من الغيبة. وانظر شرح الجاهل في الآية رقم [٦٣] من سورة (الفرقان).

تنبيه: ذكرت الآية بكاملها في سورة (الأعراف) برقم [٨١] بإبدال: {لَمُسْرِفُونَ} هناك بالفعل: {تَجْهَلُونَ} هنا. وإنما وصفهم الله بالإسراف هناك، وبالجهل هنا؛ لفعلهم ذلك العمل الخبيث؛ لأن الله خلق الإنسان، وركب فيه الشهوة لبقاء النسل، وعمران الدنيا، وجعل النساء محلا للشهوة، وموضع النسل، فإذا تركهن الرجل، وعدل عنهن إلى غيرهن من الرجال، فكأنما جهل الحكمة الإلهية، وتجاوز الحد، واعتدى، فكان جديرا بهذين الوصفين؛ لأنه وضع الشيء في غير موضعه الذي خلق له؛ لأن أدبار الذكور ليست محلا للولادة، التي هي مقصودة بتلك الشهوة المركبة في الإنسان.

وكانت قصة لوط على ما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل الأخبار، والسير: أنه كانت قرى قوم لوط مخصبة، ذات زروع وثمار، لم يكن في الأرض مثلها، فقصدهم الناس، وآذوهم، وضيقوا عليهم، فعرض لهم إبليس في صورة شيخ، وقال لهم: إذا فعلتم بهم كذا، وكذا؛ نجوتم

<<  <  ج: ص:  >  >>