حيث ثبتت ألف {اِبْنُ} في الجملتين الاسميتين، هذا؛ وأجاز أبو حاتم أن يكون {عُزَيْرٌ} اسما أعجميا لا ينصرف، وهو بعيد مردود؛ لأنه لو كان أعجميا لانصرف؛ لأنه على ثلاثة أحرف، مثل لوط ونوح وهود ونحو ذلك، فصرفه في التصغير أولى، هذا؛ وقيل: إن {عُزَيْرٌ} مبتدأ و {اِبْنُ} صفة له، فيحذف التنوين على هذا استخفافا، ولالتقاء الساكنين، ولأن الصفة والموصوف كاسم واحد، وتحذف ألف {اِبْنُ} حينئذ من الخط، ويكون {عُزَيْرٌ} مبتدأ محذوف الخبر، التقدير: عزير ابن الله صاحبنا أو نبينا أو معبودنا، أو يكون خبرا لمبتدإ محذوف يقدر ما تقدم. انتهى. عكبري ومكي بتصرف كبير مني. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{اِتَّخَذُوا} أي: اليهود، والنصارى. {أَحْبارَهُمْ}: جمع حبر بكسر الحاء وفتحها لغتان. قاله الفراء، وهو الذي يحسن القول، وينظمه، ويتقنه بحسن البيان عنه، وهو العالم الفاهم، ولذا سمي عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-حبر الأمة، أي: عالمها. {وَرُهْبانَهُمْ}: جمع:
راهب، مأخوذ من الرهبنة، وهو الذي حمله خوف الله تعالى على أن يخلص له النية دون الناس، ويجعل زمانه له، وعمله معه، وأنسه به، فاتخذ لنفسه صومعة يتعبد فيها، واعتزل الناس وانظر الآية رقم [٤٧] و [٨٥] من سورة (المائدة) إن أردت الزيادة {أَرْباباً}: جمع: «رب» بمعنى: معبود.
وانظر الآية رقم [٣] من سورة (الأعراف). {دُونِ}: انظر الآية رقم [٣] منها. {وَالْمَسِيحَ}: هو لقب عيسى عليه السّلام، وهو من الألقاب المشرفة، كالصديق، وأصله بالعبرية: مشيخا، ومعناه:
المبارك، وفيه وجهان: أحدهما: أنه فعيل بمعنى فاعل، فحول منه مبالغة، فقيل: لأنه مسيح الأرض بالسياحة، وقيل: لأنه كان يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل: هو بمعنى مفعول؛ لأنه مسيح بالبركة، أو لأنه مسح القدم، أو لمسح وجهه بالملاحة، والثاني: أن وزنه مفعل من السياحة، وعلى هذا كله فهو منقول من الصفة. {اِبْنَ مَرْيَمَ}: نسبه إلى أمه مع كون الرجال تنسب إلى آبائهم؛ لكونه لا أب له، ومريم ابنة عمران سمتها أمها صفة بذلك؛ لأن مريم في لغتهم العابدة، فأرادت بذلك التقرب والطلب إليه أن يعصمها من كيد الشيطان؛ حتى يكون فعلها مطابقا لاسمها، وأن يصدق ظنها بها، ألا ترى في الآية رقم [٣٦] من آل عمران، كيف أتبعت طلبها بالاستعاذة لها ولولدها من الشيطان الرجيم، وما أحراك أن تنظر ما ذكرته في الآية رقم [٤١] من آل عمران لبيان مكانتها عند الله. {سُبْحانَهُ}: انظر الآية رقم [١٠٠] من سورة (الأنعام).
معنى الآية الكريمة: إن اليهود والنصارى اتخذوا أحبارهم، ورهبانهم آلهة من دون الله، وليست عبادتهم لهم حقيقة، وإنما أطاعوهم في الكفر، والضلال، ومعصية الله تعالى، وذلك: أنهم أحلوا