للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم أشياء، وحرموا عليهم أشياء من قبل أنفسهم، فأطاعوهم فيها، واتخذوهم كأرباب في التحليل والتحريم، فقد روى الترمذي، وأحمد، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبيّ وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عديّ! اطرح عنك هذا الوثن!». فطرحته، وسمعته يقرأ في سورة براءة {اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} حتى فرغ، فقلت: يا رسول الله! إنّا لسنا نعبدهم! فقال: «أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه».

قلت: بلى! قال: «فتلك عبادتهم». قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: [المتقارب]

وهل بدّل الدّين إلاّ الملوك... وأحبار سوء ورهبانها؟

لذا فإن كل إنسان يتبع إنسانا في كل زمان ومكان في تحليل أو تحريم ما لم يأذن به الله كمن اتخذه ربا.

الإعراب: {اِتَّخَذُوا}: فعل وفاعل، والألف للتفريق، وانظر إعراب: {قالُوا} في الآية رقم [٥] (الأعراف). {أَحْبارَهُمْ}: مفعول به أول. و {وَرُهْبانَهُمْ}: معطوف عليه، والهاء فيهما: في محل جر بالإضافة. {أَرْباباً}: مفعول به ثان. {مِنْ دُونِ}: متعلقان ب‍ {أَرْباباً،} أو بمحذوف صلة له، و {دُونِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه. {وَالْمَسِيحَ}: معطوف على {أَحْبارَهُمْ،} التقدير: واتخذوا المسيح، وقد حذف المفعول الثاني لدلالة الأول عليه. {اِبْنَ}: صفة (المسيح)، وهو مضاف، و {مَرْيَمَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، وجملة: {اِتَّخَذُوا} مستأنفة لا محل لها. {وَما}:

الواو واو الحال. (ما): نافية. {أُمِرُوا}: ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق. {إِلاّ}: حرف حصر. {لِيَعْبُدُوا}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلهاً}: مفعول به، {واحِداً}:

صفته. {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ}: انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [١٥٨] من سورة (الأعراف)، والجملة الاسمية في محل نصب صفة ثانية ل‍ {إِلهاً}. وقيل: مستأنفة مقررة للتوحيد، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {أُمِرُوا،} واللام بمعنى الباء. تأمل. {سُبْحانَهُ}: مفعول مطلق لفعل محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله؛ فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافة المصدر لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الفعلية الحاصلة منه ومن فعله المحذوف مستأنفة لا محل لها، وهذا عند الخليل وسيبويه، وقال الكسائي: هو منصوب على أنه نداء مضاف، والأول أقوى. {عَمّا}: جار ومجرور متعلقان بالمصدر، أو بفعله المحذوف، و (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍ (عن)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: عن الذين أو عن شيء يشركون به،

<<  <  ج: ص:  >  >>