للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ اُنْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩)}

الشرح: {السَّماءِ:} يذكر، ويؤنث، والسماء كل ما علاك، فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت:

سماء، والسماء: المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناك. قال معاوية بن مالك: [الوافر]

إذا نزل السماء بأرض قوم... رعيناه وإن كانوا غضابا

أراد بالسماء: المطر، ثم أعاد الضمير عليه في: «رعيناه» بمعنى النبات. هذا؛ والمراد بالسماء في هذه الآية: السحاب الذي ينزل منه المطر، وإعادة الضمير عليه بمعنى النبات يسمى في فن البديع بالاستخدام. هذا؛ وأصل سماء: سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان:

الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة. {ماءً:} أصله: موه، بفتح الميم، والواو، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار: (ماه) فلما اجتمعت الألف والهاء، وكلاهما خفي؛ قلبت الهاء همزة، ودليل ذلك: أن جمع ماء: أمواه، ومياه، وتصغيره على مويه، وأصل ياء مياه واو، لكنها قلبت ياء لانكسار ما قبلها في جمع أعلت في مفرده، كما قالوا: دار وديار، وقيمة وقيم، ومثله قولهم: سوط وسياط، وحوض وحياض، وثور وثيرة.

{فَأَخْرَجْنا بِهِ:} فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، انظر الآية رقم [٦] وانظر (نا) في الآية رقم [٧/ ٧] أو [٥/ ١٤]. {نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ} أي: نبت كل صنف من النبات.

والمعنى: إظهار القدرة، وبيانها في إنبات الأنواع المختلفة بماء واحد، كما في قوله تعالى: {يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}. {فَأَخْرَجْنا مِنْهُ} أي: من النبات، أو من الماء. {خَضِراً} أي: شيئا خضرا، أي: غضّا طريّا. {نُخْرِجُ مِنْهُ} أي: من الخضر المذكور، والتعبير بالمضارع مع أن المقام للماضي لاستحضاره الصورة الغريبة. انتهى جمل نقلا من أبي السعود. {حَبًّا مُتَراكِباً:} يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة، ونحوها. {قِنْوانٌ:}

جمع: قنو، وهو من النخل كالعنقود من العنب. هذا؛ ويقرأ بتثليث القاف، وجمع أيضا على:

أقناء، وقنيان بضم القاف، وكسرها. هذا؛ وصنوان مثل: قنوان جمعا، ولغة كما ستعرفه إن شاء الله في سورة (الرعد) والمعنى: وأخرجنا من النخل نخلا من طلعها قنوان. والطلع: أول ما يخرج من العرجون، ثم يصير قنوا. {وَجَنّاتٍ:} جمع: جنة، وهي البستان. وانظر ما ذكرته في

<<  <  ج: ص:  >  >>