الشرح:{السَّماءِ:} يذكر، ويؤنث، والسماء كل ما علاك، فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت:
سماء، والسماء: المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناك. قال معاوية بن مالك:[الوافر]
إذا نزل السماء بأرض قوم... رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء: المطر، ثم أعاد الضمير عليه في:«رعيناه» بمعنى النبات. هذا؛ والمراد بالسماء في هذه الآية: السحاب الذي ينزل منه المطر، وإعادة الضمير عليه بمعنى النبات يسمى في فن البديع بالاستخدام. هذا؛ وأصل سماء: سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان:
الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة. {ماءً:} أصله: موه، بفتح الميم، والواو، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار:(ماه) فلما اجتمعت الألف والهاء، وكلاهما خفي؛ قلبت الهاء همزة، ودليل ذلك: أن جمع ماء: أمواه، ومياه، وتصغيره على مويه، وأصل ياء مياه واو، لكنها قلبت ياء لانكسار ما قبلها في جمع أعلت في مفرده، كما قالوا: دار وديار، وقيمة وقيم، ومثله قولهم: سوط وسياط، وحوض وحياض، وثور وثيرة.
{فَأَخْرَجْنا بِهِ:} فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، انظر الآية رقم [٦] وانظر (نا) في الآية رقم [٧/ ٧] أو [٥/ ١٤]. {نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ} أي: نبت كل صنف من النبات.
والمعنى: إظهار القدرة، وبيانها في إنبات الأنواع المختلفة بماء واحد، كما في قوله تعالى:{يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}. {فَأَخْرَجْنا مِنْهُ} أي: من النبات، أو من الماء. {خَضِراً} أي: شيئا خضرا، أي: غضّا طريّا. {نُخْرِجُ مِنْهُ} أي: من الخضر المذكور، والتعبير بالمضارع مع أن المقام للماضي لاستحضاره الصورة الغريبة. انتهى جمل نقلا من أبي السعود. {حَبًّا مُتَراكِباً:} يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة، ونحوها. {قِنْوانٌ:}
جمع: قنو، وهو من النخل كالعنقود من العنب. هذا؛ ويقرأ بتثليث القاف، وجمع أيضا على:
أقناء، وقنيان بضم القاف، وكسرها. هذا؛ وصنوان مثل: قنوان جمعا، ولغة كما ستعرفه إن شاء الله في سورة (الرعد) والمعنى: وأخرجنا من النخل نخلا من طلعها قنوان. والطلع: أول ما يخرج من العرجون، ثم يصير قنوا. {وَجَنّاتٍ:} جمع: جنة، وهي البستان. وانظر ما ذكرته في