للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغير الزمخشري. وإنما ناصبها عندهم الخبر المذكور في نحو: «خرجت فإذا زيد جالس»، أو المقدر في نحو: «فإذا الأسد» أي: حاضر، وإذا قدرت: أنها الخبر؛ فعاملها: مستقر، أو:

استقر، ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحا به. انتهى. ملخصا من المغني. وعلى اعتبارها ظرف مكان، أو زمان، لا أجد لها متعلقا هنا إلا بالتقدير: فهلكوا إذا هم إلخ، وتعليقها ب‍: {خامِدُونَ} كما رأيت في المثال المتقدم، لا يعطي المعنى الذي أعطاه هذا التقدير.

{هُمْ:} مبتدأ. {خامِدُونَ:} خبره مرفوع إلخ، والجملة الاسمية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على التقدير الذي قدرته، وعليه فالجملة المقدرة معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها؛ لأن الأولى مستأنفة، وعلى تعليقها ب‍: {خامِدُونَ،} فتبقى الجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها، وأيضا على اعتبار (إذا) حرفا؛ فالجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.

{يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠)}

الشرح: {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ} أي: يا ويل العباد. وقال قتادة: المعنى: يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله، وفرطت في جنب الله. قال الخازن: يعني: يا لها حسرة، وندامة، وكآبة على العباد. والحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له؛ حتى يبقى قلبه حسيرا. قيل: تحسروا على أنفسهم لما عاينوا العذاب؛ حيث لم يؤمنوا بالرسل الثلاثة، فتمنّوا الإيمان؛ حيث لم ينفعهم. وقيل: تتحسّر عليهم الملائكة حيث لم يؤمنوا بالرسل. وقيل: يقول الله تعالى: يا حسرة على العباد يوم القيامة حيث لم يؤمنوا بالرسل. انتهى.

هذا؛ واختلفت الروايات بشأن الرسل، هل قتلوا مع حبيب النجار، أم لا؟ وخذ ما يلي:

قال المفسرون: بعث الله تعالى إليهم جبريل، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فأخذ بعضادتي باب بلدهم، ثم صاح بهم صيحة واحدة، فإذا هم خامدون عن آخرهم. لم تبق بهم روح تتردد في جسد. وقد تقدم عن كثير من السلف: أن هذه القرية هي أنطاكية، وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من قبل المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسّلام. كما نص عليه قتادة، وغيره. وفي ذلك نظر من وجوه:

أحدها: أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل، لا من جهة المسيح عليه السّلام، كما قال تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ..}. إلخ ولو كان هؤلاء من الحواريين؛ لقالوا عبارة تناسب: أنهم من عند المسيح عليه السّلام، ثم لو كانوا رسل المسيح؛ لما قالوا لهم:

{إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا}.

الثاني: أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم، وكانت أول مدينة آمنت بالمسيح، ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربع اللاتي فيهنّ «بتاركة» وهن: القدس؛ لأنها بلد

<<  <  ج: ص:  >  >>