للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيح، وأنطاكية؛ لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها، والاسكندرية؛ لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة، والمطارنة، والأساقفة، والقساوسة، ثم رومية؛ لأنها مدينة الملك قسطنطين؛ الذي نصر دينهم، وأوطده. فإذا تقرر: أن أنطاكية أول مدينة آمنت؛ فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله، وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم. والله أعلم.

الثالث: أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة، وقد ذكر غير واحد من السلف: أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم؛ بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين. ذكروه عند قوله تبارك وتعالى:

{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى} الآية رقم [٤٣] من سورة (القصص).

فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية، كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضا، أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظا في هذه القصة مدينة أخرى، غير هذه المشهورة المعروفة، فإن هذه لم يعرف: أنها أهلكت، لا في الملة النصرانية، ولا قبل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى. مختصر ابن كثير بحروفه.

الإعراب: (يا): أداة نداء، تنوب مناب: أدعو. (حسرة): منادى، ونداء الحسرة مجاز؛ لأنها لا يتأتى منها الإقبال، وإنما المعنى على المبالغة في شدة التحسر، وكأنهم نادوا الحسرة، وقالوا: إن كان لك وقت؛ فهذا أوان حضورك. ومثله: يا ويلتا، ونحوه. وعليه: فالجار والمجرور متعلقان ب‍: (حسرة) فيكون المنادى شبيها بالمضاف، وبسبب ذلك نون، كما قرئ شاذا: «(يا حسرة العباد)» بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، أو لمفعوله. هذا؛ ويجوز أن يكون المنادى محذوفا، و: (حسرة) مفعولا مطلقا لفعل محذوف، التقدير: يا هؤلاء ونحوه أتحسر حسرة. هذا؛ ولا يجوز هذا الاعتبار بقوله تعالى حكاية عن قول الكافرين: {يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها} الآية رقم [٣١] من سورة (الأنعام)، وقوله تعالى في الآية رقم [٥٦] من سورة (الزمر): {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}. {ما:} نافية. {يَأْتِيهِمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والهاء مفعول به. {مِنْ:} حرف جر صلة. {رَسُولٍ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {الْعِبادِ} والرابط الضمير. وقال أبو البقاء:

الجملة تفسير سبب الحسرة. وقال الجمل: مستأنفة. {إِلاّ:} حرف حصر. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، وجملة: «يستهزءون به» في محل نصب خبر: {كانُوا،} والجملة: {كانُوا..}. إلخ في محل نصب حال من {رَسُولٍ} والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير: «قد» قبلها، وساغ مجيء

<<  <  ج: ص:  >  >>