للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسمية: {ذلِكَ ما كُنْتَ..}. إلخ، مستأنفة، لا محلّ لها، أو معترضة بين الجمل المتعاطفة، أو هي في محل نصب مقول القول، التقدير: أي: ويقال له عند الموت: {ذلِكَ..}. إلخ.

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١)}

الشرح: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ:} انظر الاية رقم [٦٨] من (الزمر) وخذ ما يلي: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنتم؛ وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وانتظر أن يؤذن له؟!» قالوا: يا رسول الله! كيف نقول؟ قال: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل!» فقال القوم: حسبنا الله ونعم الوكيل!. {ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} أي: وقت ذلك يوم تحقق الوعيد، وإنجازه، وهو تعذيب الكفار، والفاسدين المفسدين.

{وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ} أي: ملك يسوقه إلى الحشر، وملك يشهد عليه بأعماله.

هذا هو الظاهر من الاية الكريمة، وهو اختيار ابن جرير، وغيره؛ لما روي عن يحيى بن رافع؛ قال: سمعت عثمان بن عفّان-رضي الله عنه-يخطب، فقرأ هذه الاية، فقال: سائق يسوقها إلى الله تعالى، وشاهد يشهد عليها بما عملت. وكذا قال مجاهد، وقتادة. وقال أبو هريرة-رضي الله عنه-: السائق: الملك، والشهيد: العمل. وكذا قال الضحاك، والسّدّي. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: السائق من الملائكة، والشهيد الإنسان نفسه. يشهد على نفسه، وبه قال الضحاك أيضا. هذا؛ والمراد بنفسه: جوارحه؛ التي بين جنبيه. ويؤيده قوله تعالى في سورة (النور) رقم [٢٤]: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ،} وقوله تعالى في سورة (فصلت) رقم [٢٠]: {حَتّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}. انظر شرح هذه الايات في محالها. هذا؛ والتعبير بالماضي عن المستقبل إنما هو لتحقق الوقوع.

الإعراب: {وَنُفِخَ:} الواو: حرف عطف. (نفخ): فعل ماض مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:}

في محل رفع نائب فاعل، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: (جاءت...) إلخ لا محلّ لها مثلها. {ذلِكَ:} مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له. {يَوْمُ:} خبره، وهو مضاف، و {الْوَعِيدِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها، أو معترضة بين الجمل المتعاطفة، وجملة: {وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ} معطوفة على ما قبلها أيضا، لا محلّ لها. {مَعَها} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، و (ها) في محل جر بالإضافة. {سائِقٌ:} مبتدأ مؤخر.

{وَشَهِيدٌ:} الواو: حرف عطف. (شهيد): معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية في محل نصب حال من: {كُلُّ نَفْسٍ،} وأجيز اعتبار الظرف متعلقا بمحذوف حال من: {كُلُّ نَفْسٍ،} فيكون {سائِقٌ} فاعلا بمتعلق الظرف؛ وقال مكي: والجملة في موضع نصب على الصفة للنفس، أو لكل، فهي في محل رفع، أو في محل جر؛ لأنّ {كُلُّ} مرفوعة، و {نَفْسٍ} مجرورة،

<<  <  ج: ص:  >  >>