هذا؛ و {يَلِجُ} أصله: يولج، وماضيه: ولج، فحذفت الواو من مضارعه لوقوعها بين عدوتيها، وهما: الياء، والكسرة في مضارع الغائب، وتحذف من مضارع المتكلم، والمخاطب قياسا عليه، والمصدر: الولوج، وانظر شرح {السَّماءِ} وإعلاله في الآية رقم [٢٤] من سورة (الروم). والفعل:{يَعْلَمُ} من المعرفة، لا من العلم اليقيني، فلذا اكتفى بمفعول واحد، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦] من سورة (الروم) أيضا، وينبغي أن تعلم: أن {ما} في هذه الآية وسابقتها واقعة على العاقل، وغيره، وأصل استعمالها لغير العاقل، ففي استعمالها في الآيتين تغليب غير العاقل على العاقل.
الإعراب:{يَعْلَمُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله). {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {يَلِجُ:} فعل مضارع، والفاعل تقديره:«هو» يعود إلى {ما،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:{يَعْلَمُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من لفظ الجلالة، أو هي في محل رفع خبر ثالث ل:(هو) في الآية السابقة، والرابط: الضمير فقط، وجملة:{وَما يَخْرُجُ مِنْها} معطوفة على ما قبلها، وإعرابها مثلها بلا فارق، وأيضا:{وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ} معطوفة على ما قبله، وأيضا {وَما يَعْرُجُ فِيها} معطوف على ما قبله، وإعراب {وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} مثل إعراب {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} إفرادا، وجملا.
الشرح:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا:} المراد: أهل مكة. وقال مقاتل: قال أبو سفيان لكفار مكة:
واللات، والعزّى! لا تأتينا الساعة أبدا، ولا نبعث. وقيل: استبطئوا ما وعدوه من قيام الساعة على سبيل اللهو، والاستهزاء، والسخرية. {قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ:} فهذا رد لكلامهم، وإثبات لما نفوه من إتيان الساعة. وهذه الآية هي الآية الثالثة التي أمر الله بها رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقسم بربه على وقوع المعاد، والأولى في سورة (يونس) رقم [٥٣]: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ،} والثانية في سورة (التغابن) رقم [٧]: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ}. {عالِمِ الْغَيْبِ:} لا يفوت علمه شيء من الخفيات، وإذا كان كذلك؛ دخل في علمه وقت قيام الساعة، وهي واقعة لا محالة. هذا؛ ويقرأ بجر {عالِمِ} ورفعه. هذا؛ و {الْغَيْبِ} ما غاب عن الإنسان، ولم تدركه حواسه، قال الشاعر:[الطويل]
وبالغيب آمنّا، وقد كان قومنا... يصلّون للأوثان قبل محمّد