الشرح: ذكر في نزول الاية الكريمة ثلاثة أسباب: الأول: روى المعتمر بن سليمان عن أنس-رضي الله عنه-قال: قلت: يا نبي الله! لو أتيت عبد الله بن أبيّ؟! فانطلق إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فركب حمارا، وانطلق المسلمون يمشون معه، وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إليك عني! فو الله لقد آذاني نتن حمارك! فقال رجل من الأنصار (عبد الله بن رواحة): والله لحمار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أطيب ريحا منك! فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهم حرب بالأيدي، والجريد، والنعال، فبلغنا: أنه أنزل فيهم هذه الاية.
أخرجه الإمام أحمد.
الثاني: ذكر سعيد بن جبير-رضي الله عنه-: أنّ الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسعف، والنعال، فأنزل الله تعالى هذه الاية فأمر بالصلح بينهما. ومثله عن مجاهد-رحمه الله تعالى-.
الثالث: قال السدي: كانت امرأة من الأنصار يقال لها: أم زيد تحت رجل من غير الأنصار يقال له: عمران، فتخاصمت مع زوجها، أرادت أن تزور أهلها، فحبسها زوجها، وجعلها في علّيّة لا يدخل عليها أحد من أهلها، وإن المرأة بعثت إلى أهلها، فجاء قومها، فأنزلوها؛ لينطلقوا بها، فخرج الرجل فاستغاث بأهله، فخرج بنو عمه؛ ليحولوا بين المرأة وبين أهلها، فتدافعوا، وتجالدوا بالنعال، فنزلت الاية الكريمة فيهم، فبعث إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصلح بينهم، وفاؤوا إلى أمر الله تعالى.
هذا؛ والطائفة تتناول الواحد، والمثنى، والجمع، فهو مما حمل على المعنى دون اللفظ؛ لأن الطائفة في معنى الجماعة من الناس، لا واحد لها من لفظها، مثل: نفر، ومعشر، ورهط... إلخ وجمعها: طائفات، وطوائف. وفي «القاموس»: والطائفة من الشيء القطعة منه، أو الواحد فصاعدا. {اِقْتَتَلُوا:} جمع الضمير نظرا إلى المعنى؛ لأنّ كل طائفة جماعة، كما رأيت. {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ:} ثني نظرا إلى اللفظ.
{فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى} أي: تعدّت إحداهما على الأخرى؛ إذ لم تتأثر بالنصيحة، وأبت الإجابة إلى حكم الله تعالى. {فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ} أي: ترجع إلى