للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بما بعدهما. {يَضْحَكُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية لا محلّ لها على اعتبار: {إِذا} حرفا، وفي محل جر بإضافة: {إِذا} إليها على اعتبارها ظرفا.

تنبيه: قال الجمل: ولا نعلم نحويا ذهب إلى ما ذهب إليه الزمخشري من أن (إذا) الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر، تقديره: فاجأ، بل المذاهب فيها ثلاثة: إما حرف فلا تحتاج إلى عامل، أو ظرف مكان، أو ظرف زمان، فإن ذكر بعد الاسم الواقع بعدها خبر (كانت) منصوبة على الظرف، والعامل فيها ذلك الخبر، نحو خرجت فإذا زيد قائم، وإن لم يذكر بعد الاسم خبر، أو ذكر اسم منصوب على الحال، فإن كان الاسم جثة، وقلنا: إنها ظرف مكان؛ كان الأمر واضحا، نحو خرجت فإذا الأسد؛ أي: ففي الحضرة الأسد، أو فإذا الأسد رابضا، وإن قلنا: إنها زمان؛ كان على حذف مضاف، لئلا يخبر بالزمان عن الجثة، نحو خرجت فإذا الأسد؛ أي: ففي الزمان حضور الأسد، وإن كان الاسم حدثا جاز أن تكون مكانا، أو زمانا، ولا حاجة إلى تقدير مضاف، نحو خرجت؛ فإذا القتال، إن شئت قدرت فبالحضرة القتال، أو ففي الزمان القتال، وفيه تلخيص، وزيادة كثيرة في الأمثلة رأيت تركها مخلا. انتهى. سمين.

{وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨)}

الشرح: {وَما نُرِيهِمْ} أي: فرعون وأتباعه. {مِنْ آيَةٍ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها} أي: وما نريهم آية من آيات العذاب، كالطوفان، والجراد، والقمل... إلخ. إلاّ وهي بالغة أقصى درجات الإعجاز؛ بحيث يظن الناظر إليها: أنّها أكبر مما يقاس إليها من الآيات. والمراد:

وصف الكل بالكبر، والعظم، كقولك: رأيت رجالا أفضل من بعض، وكقول عبيد بن العرندس، وهو من أبيات الحماسة: [البسيط]

من تلق منهم تقل: لاقيت سيّدهم... مثل النجوم التي يسري بها السّاري

وهذا كما فاضلت فاطمة بنت الخرشب الأنمارية بين الكلمة من بنيها، ثم قالت لما أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل! هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟ وعلى العكس من هذا قول الآخر: [الطويل]

ولم أر أمثال الرجال تفاوتا... لدى الفضل حتّى عدّ ألف بواحد

{وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ} أي: عاقبناهم بأنواع العذاب الشديد، قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٣٠]: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ} وقال أيضا في الآية [١٣٣] منها:

<<  <  ج: ص:  >  >>