{فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ..}. إلخ، وكانت هذه الآيات الأخيرة عذابا لهم، ومعجزات لموسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ:} عما هم عليه من الكفر، والتكذيب. وانظر مثل هذه الترجي في الآية رقم [٣]. وقال الزمخشري: إرادة أن يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان. فإن قلت: لو أراد رجوعهم؛ لكان، قلت: إرادته فعل غيره ليس أن يأمره به، ويطلب منه إيجاده، فإن كان ذلك على سبيل القسر؛ وجد، وإلاّ دار بين أن يوجد، وبين أن لا يوجد على حسب اختيار المكلف، وإنما لم يكن الرجوع؛ لأنّ الإرادة لم تكن قسرا، ولم يختاروه. انتهى. كشاف.
قال أحمد المحشي على الكشاف: تقدم في غير موضع: أنّ لعلّ حيثما وردت في سياق كلام الله تعالى، فالمراد صرف الرجاء إلى المخلوقين؛ أي: ليكونوا بحيث يرجى منهم ذلك.
هذا هو الحق، وعليه تأول سيبويه ما ورد. وأما الزمخشري، فيحمل لعل على الإرادة؛ لأنّه لا يتحاشى من اعتقاد أن الله يريد شيئا، ويريد العبد خلافه، فيقع مراد العبد، ولا يقع مراد الرب.
تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، فما أشنعها زلة، وأبشعها خلة، ولقد أساء الأدب في هذا الموضع حتى أنه لولا تعين الرد عليه، لما جرى القلم بنقل ما هذى به، وما اهتدى، وقد جرى على سنن أوائله في جعل حقيقة الأمر هو الإرادة، وأضاف إلى ذلك اعتقاد: أنّ العبد يوجد فعله، ويخلقه، وأن مراد العبد يقع، ومراد الرب لا يقع، فهذه ظلمات ثلاث بعضها فوق بعض، نعوذ بالله من هذه الغواية {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا}. انتهى.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {نُرِيهِمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والهاء مفعول به أول. {مِنْ:} حرف جر صلة. {آيَةٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {إِلاّ:} حرف حصر. {هِيَ أَكْبَرُ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية صفة:{آيَةٍ} على اللفظ، أو على المحل. {مِنْ أُخْتِها:} متعلقان بأكبر، و (ها): في محل جر بالإضافة، وقدر ابن هشام في المغني صفة محذوفة؛ أي: أختها السابقة، وجملة:{وَما نُرِيهِمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها. وقيل:
معطوفة، وهو ضعيف، ولو قيل: حال من واو الجماعة؛ لا بأس به. {وَأَخَذْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط:
الواو، والضمير، وهي على تقدير:«قد» قبلها. وقيل: معطوفة على ما قبلها وهو ضعيف.
{بِالْعَذابِ:} متعلقان بما قبلهما. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، وجملة:
{يَرْجِعُونَ} في محل رفع خبر (لعلّ)، والجملة الاسمية تعليل لما يريهم الله من آيات.