للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية في محل نصب حال من {إِبْلِيسَ} والرابط الضمير فقط، وهي على تقدير «قد» قبلها، وجملة: ({اِسْتَكْبَرَ}) معطوفة عليها، وهي في محل نصب مثلها. ({كانَ}): فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى {إِبْلِيسَ} أيضا. {مِنَ الْكافِرِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر كان، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال أيضا.

{وَقُلْنا يا آدَمُ اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ (٣٥)}

الشرح: {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} أي: اتخذها مأوى، ومنزلا، وليس معناه الاستقرار، والثبوت؛ لأنه لم يقل: أسكنتك الجنّة؛ لأنه خلق لعمارة الأرض، ولمّا أسكن الله آدم في الجنّة؛ بقي وحده، وليس معه من يستأنس به، ويجالسه، فألقى الله عليه النوم، ثم أخذ ضلعا من أضلاع جنبه الأيسر، وهو الأقصر، فخلق منه زوجته حوّاء، ووضع مكان الضّلع لحما من غير أن يحسّ بذلك، ولم يجد ألما، ولو وجد؛ لما عطف رجل على امرأة قطّ. وسمّيت: حواء؛ لأنها خلقت من حيّ، فلمّا استيقظ من نومه، ورآها جالسة كأحسن ما خلق الله تعالى، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا زوجتك حوّاء، قال: ولماذا خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ، وأسكن إليك.

وفي القرطبيّ: أنّ الملائكة قالوا له: أتحبّها يا آدم؟! قال: نعم! فقالوا لحواء: أتحبينه؟ قالت: لا! وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من حبّه لها. قالوا: فلو صدقت المرأة في حبّها لزوجها؛ لصدقت حوّاء، وقال العلماء: ولهذا كانت المرأة عوجاء مهما تعلّمت، وتثقّفت؛ لأنها خلقت من أعوج وهو الضّلع، وخذ ما يلي:

عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استوصوا بالنّساء، فإنّ المرأة خلقت من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه؛ كسرته، وإن تركته؛ لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء». رواه البخاريّ، ومسلم، وغيرهما، وفي رواية لمسلم وحده:

«إنّ المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمعت بها؛ وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها؛ كسرتها، وكسرها طلاقها». ورحم الله من قال: [الطويل]

هي الضّلع العوجاء لست تقيمها... ألا إنّ تقويم الضّلوع انكسارها

أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى... أليس عجيبا ضعفها واقتدارها

هذا وهناك من يتبجّح، ويقول: إنّ الله خلق حواء بدون واسطة، وهذا يعني: أنّ الله خلقها من تراب، كما خلق آدم، ولذا فهم يقدّرون مضافا محذوفا، فيقولون: الأصل: منها أي: من البشر، وذلك في قوله تعالى في كثير من الآيات: ({خَلَقَ مِنْها زَوْجَها}).

<<  <  ج: ص:  >  >>