للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنيئا مريئا غير داء مخامر... لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

فيكون مثل (ما) يرتفع بالفعل؛ أي: كما تقول: هنأكم ما كنتم تعملون، أو هنأكم الأكل، والشرب. فعلى الأول الباء زائدة في الفاعل، وعلى الثاني فالباء أصلية. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {هَنِيئاً،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، وجملة {تَعْمَلُونَ} في محل نصب خبر (كان)، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: هنيئا بالذي، أو بشيء كنتم تعملونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول بما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: هنيئا بعملكم.

{إِنّا:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها.

{كَذلِكَ:} الكاف: حرف تشبيه وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار، والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير:

نجزي المحسنين جزاء كائنا مثل جزاء المتقين. واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له.

{نَجْزِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:

«نحن». {الْمُحْسِنِينَ:} مفعول به... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ:} انظر إعرابها الآية رقم [١٥].

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧)}

الشرح: {كُلُوا:} خطاب للكفار في الدنيا على وجه التهديد، كقوله تعالى لهم: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} الآية رقم [٤٠] من سورة (فصلت). هذا؛ وإن كان في ظاهر اللفظ أمرا، إلا أنه في المعنى نهي بليغ، وزجر عظيم، واعتبره الزمخشري فيما يخاطبون به في الآخرة، وعلله بقوله:

يقال لهم ذلك في الآخرة إيذانا بأنهم كانوا في الدنيا أحقاء بأن يقال لهم، وكانوا من أهله تذكيرا بحالهم السمجة، وبما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم، والملك الخالد.

وفي طريقته قول فاطمة بنت الأخرم الخزاعية تبكي إخوتها، وتندبهم-وهو الشاهد رقم [٣٦٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» إعراب شواهد مغنى اللبيب-: [المديد]

إخوتي لا تبعدوا أبدا... وبلى والله قد بعدوا

كلّ ما حيّ وإن أمروا... واردو الحوض الّذي وردوا

وما قاله الزمخشري لم يوافقه أحد عليه. {وَتَمَتَّعُوا} أي: تمتعوا من دنياكم، واستمتعوا بلذائذها الفانية. كما هو شأن البهائم التي همها ملء بطونها، ونيل شهواتها زمانا قليلا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>