للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى. هذا؛ وقال تعالى في سورة (يس) رقم [٥٦]: {هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ}. وقال تعالى في سورة (الذاريات) رقم [١٥]: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ}.

{وَفَواكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ} أي: وفواكه كثيرة متنوعة مما يستلذون، ويستطيبون. قال تعالى في سورة (الواقعة): {وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيَّرُونَ،} وقال تعالى فيها أيضا: {وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}. {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: ويقال لهم على سبيل الأنس، والتكريم:

كلوا أكلا لذيذا، واشربوا شربا هنيئا بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال. وهذه الآية مذكورة في سورة (الطور) برقم [١٩]. وقال تعالى في سورة (الحاقة) رقم [٢٤]: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ} انظر ما ذكرته في شرحها هناك تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، فالبحث قيم جدا؛ إن شاء الله تعالى.

{إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ:} هذه الآية مكررة كثيرا فقد ذكرت في سورة (الصافات) وحدها خمس مرات، وهي تذكر بعد ذكر الصالحين، وما عملوا من أعمال صالحة، والمعنى: نثيب المحسنين العمل ثوابا عظيما، ونجزيهم جزاء جزيلا، وما أكثر ما يذكر ضدها {وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ،} {وَكَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ،} {وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} والمعنى: نعاقب المسيئين العمل، والظالمين، والمفترين، والخبثاء عقابا شديدا، ونعذبهم عذابا أليما.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْمُتَّقِينَ:} اسم {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ. {فِي ظُلَلٍ:} متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها. {وَعُيُونٍ:} معطوف على {ظِلالٍ}. {وَفَواكِهَ:} معطوف أيضا مجرور مثله، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، وهي علة تقوم مقام علتين من موانع الصرف. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة (فواكه)، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة. {يَشْتَهُونَ:} فعل مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: من الذي، أو من شيء يشتهونه. {كُلُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، يقع حالا من الضمير المستقر في {ظِلالٍ،} والقائل لهم الله، أو الملائكة، وجملة: {وَاشْرَبُوا} معطوفة عليها، ومفعول الفعلين محذوف للاختصار، والتعميم أيضا.

{هَنِيئاً:} حال من واو الجماعة، بمعنى: مهنئين، أو هو صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: كلوا أكلا هنيئا، واشربوا شربا هنيئا. وفاعله مستتر محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير: هنيئا لكم الأكل. وهنيئا لكم الشرب. وقيل: الفاعل (ما) المجرورة بالباء، وعليه يكون مثله قول كثير عزة: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>