لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال؛ لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب {لَوْ} محذوف، التقدير: لو كنتم تعلمون لآمنتم، ولو ومدخولها كلام معترض في آخر الآية، وهو من جملة مقول القول.
{قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاّ فِراراً (٦)}
الشرح: {قالَ} أي: نوح. {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي:} إلى الإيمان بك، والإقرار بواحدانيتك، والاعتراف بألوهيتك. {لَيْلاً وَنَهاراً:} دائبا بلا فتور؛ سرا، وجهرا، ولا تنس الطباق بين {لَيْلاً} و (نهارا). {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاّ فِراراً} أي: تباعدا من الإيمان كما قال تعالى في سورة (المدثر):
{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ،} ونسب ذلك إلى دعائه لحصوله عنده، وإن لم يكن الدعاء سببا للفرار في الحقيقة، وهو كقوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [١٢٥]: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} والقرآن لا يكون سببا لزيادة الرجس.
هذا؛ وزاد، يزيد: ضد نقص، ينقص، يكون لازما، كقولك: زاد المال درهما، ويكون متعديا لمفعولين كما في الآية الكريمة. وقولك: زاد الله خالدا خيرا، بمعنى جزاه الله خيرا، وأما قولك: زاد المال درهما، والبر مدا، فدرهما، ومدا تمييز. ومثله قل في: نقص، فمن المتعدي لمفعولين قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً}.
أما (الليل) فهو واحد بمعنى الجمع، واحدته: ليلة، مثل: تمر، وتمرة، وقد جمع على:
ليال، فزادوا فيه الياء على غير قياس، ونظيره: أهل، وأهال. والليل الشرعي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق، وهو أحد قولين في اللغة، والقول الآخر: من غروبها إلى طلوعها.
هذا؛ والنهار ضد الليل، وهو لا يجمع كما لا يجمع العذاب، والسراب، فإن جمعته قلت في الكثير: نهر بضمتين كسحاب وسحب، وأنشد ابن كيسان: [الرجز]
لولا الثّريدان لمتنا بالضّمر... ثريد ليل وثريد بالنّهر
وفي القليل: أنهر، والنهار: من طلوع الشمس، أو من طلوع الفجر على ما تقدم في نهاية الليل إلى غروب الشمس، وقد يطلق عليهما اسم: اليوم، كما ستعرفه في الآية رقم [٩] من سورة (المدثر). هذا؛ والنسبة إلى النهار: نهاريّ، كما تجيء النسبة إليه على صيغة فعل فتستعمل للنسب. ويستغنى بها عن يائه، فيقال: نهر، ومنه قول الشاعر، وهو من شواهد ابن عقيل على ألفية ابن مالك-رحمه الله تعالى-: [الرجز]
لست بليليّ ولكنّي نهر... لا أدلج اللّيل ولكن أبتكر
هذا؛ والليل يطلق على الحبارى، أو على فرخها، وفرخ الكروان، والنهار يطلق على فرخ القطا. انتهى. قاموس، وقد ألغز بعضهم بقوله: [الوافر]