للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣)}

الشرح: {أَوَعَجِبْتُمْ:} العجب بفتح العين، والجيم: انفعال نفساني يعتري الإنسان عند استعظامه، أو استطرافه، أو إنكاره ما يرد عليه، ويشاهده.

وقال الراغب: العجب: حيرة تعرض للإنسان بسبب الشيء، وليس هو شيئا له في ذاته حالة حقيقية، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب، ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا:

ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه. انتهى جمل نقلا عن السمين في غير هذا الموضع. هذا؛ والعجب بضم العين، وسكون الجيم: الكبر، وحقيقته: أن يرى نفسه فوق غيره علما، أو أدبا، أو عبادة، وزهدا، وغير ذلك، وقد عده الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الثلاث المهلكات: «شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه». {جاءَكُمْ:} انظر الآية رقم [٤]. {ذِكْرٌ:} رسالة، أو موعظة، أو المراد به: الصحف التي أنزلت على نوح، فإنه كثيرا ما يطلق على القرآن الكريم. {رَبِّكُمْ:}

انظر الآية رقم [٣]. {عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ:} على لسان رجل كائن منكم، تعرفونه، وتعرفون نسبه، فإنهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر، ويقولون: {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ}. وانظر شرح: {رَجُلٍ} في الآية رقم [٤٦]. {لِيُنْذِرَكُمْ:} ليخوفكم عذاب الله، ونقمته إن لم تؤمنوا، والإنذار التخويف من وقوع العقاب. {وَلِتَتَّقُوا:} انظر {التَّقْوى} في الآية رقم [٢٦]. {وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: بسبب التقوى.

قال البيضاوي: وفائدة الترجي: التنبيه على أن التقوى غير موجب، والترحم من الله تفضل، وأن المتقي ينبغي أن لا يعتمد على تقواه، ولا يأمن من عذاب الله تعالى. انتهى. وقال سليمان الجمل: وهذا الترتيب في غاية الحسن؛ لأن المقصود من الإرسال الإنذار، ومن الإنذار التقوى، ومن التقوى الفوز بالرحمة. انتهى. وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [٢٦].

الإعراب: {أَوَعَجِبْتُمْ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. الواو: حرف عطف. (عجبتم):

فعل، وفاعل. وانظر إعراب: {وَجَعَلْنا} في الآية رقم [١٠] والجملة الفعلية هذه مع المتعلق معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: أكذبتم، وعجبتم. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب.

{جاءَكُمْ:} ماض في محل نصب ب‍ {أَنْ،} والكاف في محل نصب مفعول به. {ذِكْرٌ:} فاعل.

{مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلقان ب‍ {ذِكْرٌ،} أو بمحذوف صفة له، والكاف في محل جر بالإضافة، و {أَنْ} المصدرية والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير:

عجبتم من مجيء ذكر لكم من ربكم. {عَلى رَجُلٍ:} متعلقان بالفعل: {جاءَكُمْ،} وجوز أن يكونا

<<  <  ج: ص:  >  >>