للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في: {بِهِ} فيكون فيه مراعاة لفظ {ما} مرة، ومعناها أخرى، فلذلك جمع، وعليه ف‍: {مِنْهُمْ} متعلقان بمحذوف مفعول به، والجملة الفعلية: {لا تَمُدَّنَّ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {تَحْزَنْ:} مجزوم ب‍: (لا) الناهية، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {عَلَيْهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، وما بعدها معطوفة عليها أيضا.

{وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)}

الشرح أي: قل يا محمد لهؤلاء الكفرة المجرمين: إني نذير لكم من عذاب شديد، يقع بكم عاجلا، أو آجلا، كما أنزله الله بالمقتسمين الذين اختلفوا في شأن القرآن الكريم. وقالوا ما قالوا فيه من افتراءات، وأكاذيب، ولقد اختلف في {الْمُقْتَسِمِينَ} على أقوال سبعة:

الأول: قال مقاتل، والفراء: هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم، فاقتسموا طرق مكة، ومداخلها، يقولون لمن أراد الدخول فيها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة، فإنه مجنون، وربما قالوا: ساحر، وربما قالوا: شاعر، وربما قالوا: كاهن، وسموا بالمقتسمين؛ لأنهم اقتسموا هذه الطرق، فأماتهم الله شرّ ميتة، وكانوا نصبوا الوليد بن المغيرة حكما على باب المسجد، فإذا سألوه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: صدق أولئك.

الثاني: قال قتادة: هم قوم من كفار قريش اقتسموا كتاب الله، فجعلوا بعضه شعرا، وبعضه سحرا، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير.

الثالث: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-هم أهل الكتاب آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه.

وكذلك قال عكرمة: هم أهل الكتاب، وسموا بالمقتسمين؛ لأنهم كانوا مستهزءين، فيقول بعضهم: هذه السورة لي، وهذه السورة لك، وهو القول الرابع.

الخامس: قال قتادة: قسموا كتابهم، ففرقوه وبددوه وحرفوه.

السادس: قال زيد بن أسلم: المراد: قوم صالح، تقاسموا على قتله؛ أي: تحالفوا، فسموا مقتسمين كما قال تعالى: {تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}.

السابع: قال الأخفش: هم قوم اقتسموا أيمانهم، وتحالفوا عليها. وقيل: إنهم العاص بن وائل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل، وأبو البختري بن هشام، والنضر بن الحارث، وأمية بن خلف، ومنبه بن الحجاج. ذكره الماوردي. انتهى. قرطبي بتصرف.

هذا ومعنى {عِضِينَ} أجزاء مفرقة، وتفسيره ما رأيته في القول الثاني، وما بعده، ومثله في المعنى: {عِزِينَ} أي: فرقا شتّى، وهو جمع: عضة، من قولهم: عضيت الشيء: إذا فرقته،

<<  <  ج: ص:  >  >>