للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقد قيل: إن الذي لا تجب فيه الزكاة لا يقال له: مال، وهو مردود بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«يقول ابن آدم مالي مالي، وإنّما له من ماله ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدّق فأمضى».

{فِتْنَةٌ}: ابتلاء واختبار وامتحان، أو سبب في الوقوع في الإثم. {وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي: ثواب كبير، وذلك لمن آثر رضا الله على المال والولد، وراعى حدوده، فلم يفتتن بشيء من ذلك، انظر الآية رقم [١٤] آل عمران وما بعدها ففيهما الدواء الشافي.

تنبيه: في الآية الكريمة تحذير من حب المال والولد، وتفضيلهما على طاعة الله ورسوله، فيجب على العاقل أن يحذر من المضار المتولدة من حبهما؛ لأن ذلك يشغل القلب، ويصيره محجوبا عن خدمة المولى، وهذا من أعظم الفتن، وروى البغوي بسنده عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي بصبي، فقبله، وقال: «أما إنهم مبخلة مجبنة، وإنهم لمن ريحان الله».

وأخرج الترمذي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، قال: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم، قالت: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم، وهو محتضن أحد ابني بنته، وهو يقول: «إنكم لتبخّلون وتجبّنون، وتجهّلون، وإنكم لمن ريحان الله». قال الترمذي: لا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعا عن خولة، ومعنى لمن ريحان الله: لمن رزق الله، وآيات التغابن رقم [١٥/ ١٤] تؤكد هذه الفتنة وتزيد عليها العداوة.

الإعراب: {وَاعْلَمُوا}: (اعلموا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَنَّما}: كافة ومكفوفة. {أَمْوالُكُمْ}: مبتدأ. و {وَأَوْلادُكُمْ}: معطوف على المبتدأ، والكاف فيهما في محل جر بالإضافة، والميم علامة جمع الذكور. {فِتْنَةٌ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي الفعل، وهذا المصدر مأخوذ من أن واسمها وخبرها، ولما كفت عن العمل بقي معناها كما هو ظاهر، ويؤيده المصدر المؤول بعدها. {عِنْدَهُ}: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَجْرٌ}: مبتدأ مؤخر. {عَظِيمٌ}: صفته، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (أن)، هذا؛ وإن اعتبرت الظرف متعلقا بمحذوف خبر (أن)، فيكون {أَجْرٌ} فاعلا بهذا الظرف، أي:

بمتعلقه، والمصدر المؤول من (أن) واسمها وخبرها معطوف على ما قبله، فهو محل نصب مثله، وجملة: {وَاعْلَمُوا..}. إلخ معطوفة على جملة: {لا تَخُونُوا..}. إلخ لا محل لها مثلها.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)}

الشرح: {فُرْقاناً}: قال البيضاوي: هداية تفرقون بها بين الحق والباطل، أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين، وإذلال الكافرين، أو مخرجا من الشبهات، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>