السن أو الجاه أو القدر؛ لأنه نبي من الأنبياء، ذكروا له حاله استعطافا عليه. {فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ}: استعبد بدله بمقتضى قانون السرقة في شريعة يعقوب كما تقدم. {إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} أي: إلينا فأتمم إحسانك ومعروفك، فهم يريدون أن يصل (بنيامين) إلى أبيه ليعرف حقيقة الأمر.
بعد هذا انظر القول في الآية رقم [١٨] من سورة (هود)، وانظر شرح {شَيْخاً} في الآية رقم [٧٢] منها، وشرح (أحد) في الآية رقم [٨١] منها أيضا، هذا؛ وأب أصله أبو، فحذفت الواو بعد نقل حركتها إلى الباء قبلها للتخفيف بدليل رجوعها في التثنية، تقول: أبوان، أبوين، ومثله قل في إعلال {أَخٌ} المذكور في الآية السابقة.
الإعراب:{قالُوا}: ماض وفاعله، والألف للتفريق. {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ}: انظر الإعراب في الآية رقم [٨٨] الآتية. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {لَهُ}: متعلقان بمحذوف خبر إن مقدم. {أَباً}:
اسم {إِنَّ} مؤخر منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. {شَيْخاً}: صفة أولى. {كَبِيراً}: صفة ثانية. {فَخُذْ}: الفاء: هي الفصيحة، وانظر الآية رقم [٦٣](خذ): أمر والتماس، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {أَحَدَنا}: مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة. {مَكانَهُ}: ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:{فَخُذْ أَحَدَنا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا وصحيحا فخذ... إلخ. {إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٣٦]، هذا؛ والآية بكاملها في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{قالَ مَعاذَ اللهِ}: أعوذ بالله، وأعتصم به، وألجأ إليه في أن نأخذ إلا... إلخ.
فإن أخذ غيره ظلم على فتواكم وشريعتكم، لم يقل: من سرق؛ تحرزا عن الكذب؛ لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق. {إِنّا إِذاً لَظالِمُونَ} أي: إن أخذنا بريئا بذنب غيره.
تنبيه: قال الخازن: فإن قلت: كيف استجاز يوسف عليه السّلام أن يعمل مثل هذه الأعمال بأبيه، ولم يخبره بمكانه، وحبس أخاه أيضا عنده مع علمه بشدة وجد أبيه عليه، ففيه من العقوق، وقطيعة الرحم، وقلة الشفقة؟! وكيف يجوز ليوسف على نبينا، وعليه أفضل صلاة وأزكى سلام مع علو منصبه من النبوة والرسالة أن يزور على إخوته، ويروج عليهم مثل هذا مع ما فيه من الإيذاء لهم؛ فكيف يليق به هذا كله؟!.
قلت: قد ذكر العلماء عن هذا السؤال أجوبة كثيرة أحسنها، وأصحها: أنه إنما فعل ذلك بأمر الله تعالى له، لا عن أمره، وإنما أمره الله بذلك بلاء ليعقوب عليه السّلام، فيضاعف له