مبني على السكون، و (نا): اسمها. {مُؤْمِنِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة:{لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} جواب: {لَوْلا} لا محل لها، و {لَوْلا} ومدخولها في محل نصب مقول القول. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} أي: عن الإيمان، وهم الرؤساء، والعظماء، والأشراف.
{لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} أي: الأتباع، الذين تبعوهم، وقلدوهم في الكفر. {أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى} أي: منعناكم من الإيمان واتباع الرسل؟! فالاستفهام إنكاري، توبيخي بمعنى النفي. {بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ} أي: الهدى والإيمان، وذلك بدعوة الرسل إليه، والترغيب فيه. {بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} أي:
بل أنتم كفرتم باختياركم بسبب أنكم كنتم مجرمين راسخين في الإجرام.
تنبيه: الآية الكريمة والتي بعدها تتحدثان عن ما يقع من المحاورة بين الرؤساء والأتباع، وبين الأشراف، والضعفاء يوم القيامة، والتعبير بالماضي عن المستقبل إنما هو لتحقق وقوعه؛ لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان، ووجد؛ لتحققه، وهو كثير في القرآن الكريم، وهو فن بلاغي.
تنبيه: المراد ب: {مُجْرِمِينَ:} الكافرون، وكثيرا ما يعبر القرآن الكريم عن الكافرين بالظالمين والمجرمين، والمعتدين، والفاسقين، والمسرفين، وغير ذلك، ويتهددهم بالعذاب الأليم، ويتوعّدهم بالعقاب الشديد. وإننا نجد الكثير من المسلمين، يتصفون بهذه الصفات، فهل يوجه إليهم هذا التهديد وهذا الوعيد؟ الحق أقول: نعم يتوجه إليهم ما ذكر، وهم أحق بذلك، لا سيما من قرأ القرآن منهم، واطلع على أحوال الأمم السابقة، وما جرى لهم مع رسلهم، وكيف نكل الله بهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وما يتذكر إلا أولو الألباب.
هذا؛ وصد بمعنى: منع، وصرف، والمضارع:«يصد» بضم الصاد، ويأتي بمعنى: يعرض، ويميل، ومنه قوله تعالى:{رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} ويأتي المضارع بضم الصاد، وكسرها، كما يأتي بمعنى: يضجون فرحا، وهو بكسر الصاد كما في قوله تعالى:{وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} ومصدر الأولين: صد، وصدود، ومصدر الأخير: صديد، وقد فك الإدغام هنا على القاعدة:«إذا اتصل بالمضعف ضمير رفع متحرك؛ فك الإدغام».
أما {كُنْتُمْ} فأصله: «كونتم» فقل في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار:«كانتم» فالتقى ساكنان: الألف وسكون النون، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار:
«كنتم» بفتح الكاف، ثم أبدلت الفتحة ضمة لتدل على الواو المحذوفة، فصار:{كُنْتُمْ،} وهناك