للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {أَهْلَكْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، أو هي مفسرة لا محل لها على الوجه الثاني، والكلام مستأنف لا محل له، وانظر ما نقلته عن الزمخشري في الآية رقم [٤٨] الآتية. {وَهِيَ:} الواو: واو الحال. (هي): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {ظالِمَةٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير. وجملة: {فَهِيَ خاوِيَةٌ} معطوفة على جملة: {أَهْلَكْناها} فهي في محل رفع خبر مثلها. {عَلى عُرُوشِها:} متعلقان ب‍: {خاوِيَةٌ} وأجاز الزمخشري تعليقهما بمحذوف خبر ثان للمبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَبِئْرٍ:} معطوف على {قَرْيَةٍ}.

{مُعَطَّلَةٍ:} صفة (بئر). {وَقَصْرٍ:} معطوف على ما قبله. {مَشِيدٍ:} صفة (قصر) وله صفة أخرى محذوفة، مدلول عليها بصفة (بئر) أي: قصر مشيد معطل.

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)}

الشرح: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ:} حث لكفار قريش على أن يسافروا، فيشاهدوا هذه القرى المهلكة، فيعتبروا، ويتعظوا، ويحذروا عقاب الله أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم. {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها:} ما يجب أن يعقل من التوحيد بما حصل لهم من الاستبصار، والاستدلال.

وأضاف العقل، -أي الفهم-إلى القلب؛ لأنه محله، كما أن السمع محله الأذن.

{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ:} الضمير ضمير القصة، والجملة الفعلية بعده مفسرة له، ويقرأ:

«(فإنه)» بالتذكير على أن الضمير ضمير الشأن. {وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ..}. إلخ: المعنى فما عميت أبصارهم عن الإبصار، بل عميت قلوبهم عن الاستبصار، والاعتبار، ولكل إنسان أربع أعين:

عينان في رأسه، وعينان في قلبه، فإذا أبصر ما في القلب، وعمي ما في الرأس؛ لم يضره، وإن أبصر ما في الرأس، وعمي ما في القلب؛ لم ينفعه، كيف لا؛ وقد اعتبر الله الكفار أهل جهنم كالأنعام بل هم أضل، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، انظر الآية رقم [١٧٩] من سورة (الأعراف) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، واستعمال العمى في القلب استعمارة. هذا؛ وفي قوله تعالى: {الَّتِي فِي الصُّدُورِ} زيادة تصوير وتقرير، فإن القلوب في الصدور كما هو معروف. وفيه إشعار: أن عيونهم سليمة لا عيب فيها، إنما الخلل في عقولهم، وفي قلوبهم. هذا؛ ولما عمي عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-أنشد يقول: [البسيط]

إن يأخذ الله من عينيّ نورهما... فإنّ قلبي مضيّ ما به ضرر

أرى بقلبي دنياي وآخرتي... والقلب يدرك ما لا يدرك البصر

<<  <  ج: ص:  >  >>