للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقال الجمل: وعبارة السمين: {أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ..}. إلخ فيه أوجه: أحدها: أن اسم الأولى مضاف لضمير الخطاب حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه، والخبر قوله: {إِذا مِتُّمْ} و {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} تكرير؛ ل‍: (أنّ) الأولى للتوكيد، والدلالة على المحذوف. والمعنى: أن إخراجكم إذا متم، وكنتم. والثاني: أن خبر (أن) الأولى هو {مُخْرَجُونَ} وهو العامل في {إِذا} وكررت الثانية توكيدا لما طال الفصل. وإليه ذهب الجرمي، والمبرد، والفراء. والثالث: أن خبر (أن) الأولى محذوف، لدلالة خبر الثانية عليه، تقديره: أنكم تبعثون، وهو العامل في الظرف، و (أنّ) الثانية وما في حيزها بدل من الأولى. وهذا مذهب سيبويه. والرابع: أن يكون {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} مبتدأ، وخبره الظرف مقدما عليه، والجملة خبر عن {أَنَّكُمْ} الأولى، والتقدير:

أيعدكم أنكم إخراجكم كائن، أو مستقر وقت موتكم. ولا يجوز أن يكون العامل في {إِذا} {مُخْرَجُونَ} على كل قول؛ لأن ما في حيز (أنّ) لا يعمل فيما قبلها، ولا يعمل فيها {مِتُّمْ} لأنه مضاف إليه، و {أَنَّكُمْ} وما في حيزه في محل نصب أو جر بعد حذف حرف الجر؛ إذ الأصل أيعدكم بأنكم. ويجوز ألا يقدر حرف جر، فيكون في محل نصب فقط انتهى. والمعتمد: أنه في محل جر بحرف جر محذوف، وهو مفاد كلام ابن هشام في المغني، والجار والمجرور هما المفعول الثاني، والجملة الفعلية: {أَيَعِدُكُمْ..}. إلخ مستأنفة، وهي من مقول الملأ.

{هَيْهاتَ:} اسم فعل ماض مبني على الفتح، و {هَيْهاتَ} الثاني توكيد لفظي لا فاعل له، أما فاعل الأول ففيه وجهان: أحدهما: هو ضمير، تقديره: هيهات وقوع، وحصول خروجنا من القبور. {لِما:} اللام: حرف جر. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفاعل المحذوف؛ لأنه مصدر، واللام فيها معنى التبيين. الوجه الثاني: أن اللام زائدة، و (ما) هي الفاعل. قال ابن الأنباري: ترفع الظاهر، ولا يرفع بها المضمر، وأنشد بيت جرير السابق. {تُوعَدُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله، والجملة صلة (ما) والعائد محذوف؛ إذ التقدير: للذي توعدونه. هذا؛ وقد رأيت في بعض القراآت: أنه قد نون هيهات؛ وعليه فهو مصدر مبتدأ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبره، وعلى الاعتبارين: الفعلية، والاسمية؛ فالكلام مقول من الملأ.

{إِنْ هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧)}

الشرح: {إِنْ هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا:} أصله: إن الحياة إلا الحياة الدنيا، فأقيم الضمير مقام الأولى، لدلالة الثانية عليها حذرا من التكرير، وإشعارا بأن تعيينها مغن عن التصريح بها، كقوله: [الطويل]

هي النّفس ما حمّلتها تتحمّل

<<  <  ج: ص:  >  >>