للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى. جمل، ولكن ما ذكرته هناك من سبب أقوى؛ لأنه بمعنى: فاعل، لا بمعنى:

مفعول، كما ذكر هنا.

الإعراب: {قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} انظر الآية رقم [٩] فالإعراب واحد لا يتغير.

{وَلِنَجْعَلَهُ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره:

«نحن» والهاء مفعول به أول. {آيَةً:} مفعول به ثان، {لِلنّاسِ:} متعلقان بمحذوف صفة {آيَةً} و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، التقدير: ونخلقه، أو نفعل ذلك لنجعله. وقال الجلال: معطوف على ما قبله؛ لأنه بمعنى: العلة. ولا وجه له. وقيل: معطوف على محذوف، التقدير: لنبين، ولنجعله.

{وَرَحْمَةً:} معطوف على آية. {مِنّا:} متعلقان ب‍: (رحمة)، أو بمحذوف صفة لها، وجملة:

{وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا} مستأنفة، لا محل لها، واسم كان محذوف، التقدير: وكان خلقه من غير أب أمرا، {مَقْضِيًّا:} صفة أمرا.

{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢)}

الشرح: {فَحَمَلَتْهُ} أي: حملت بعيسى عليه السّلام. قيل إن جبريل عليه السّلام رفع درعها؛ أي: ثوبها. فنفخ في جيبه، فحملت حين لبسته. وقيل: نفخ في كمها. وقيل: في ذيلها. وقيل: في فيها. وقيل: نفخ من بعيد، فوصل النفخ إليها. قال الطبري: وزعمت النصارى: أن مريم حملت بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة، وأن عيسى عليه السّلام عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة، وأياما، وأمّه مريم-عليها السّلام-بقيت بعد رفعه ست سنين، فكان جميع عمرها نيفا وخمسين سنة.

واختلف في مدة الحمل: فقال ابن عباس-رضي الله عنهما-كان الحمل والولادة في ساعة واحدة. وقال القرطبي: وهذا هو الظاهر؛ لأن الله ذكر الانتباذ عقب الحمل. وقيل: كانت مدته تسعة أشهر كحمل سائر الحوامل من النساء. وقيل: كانت مدة حمله ثمانية أشهر، وذلك آية أخرى له؛ لأنه لا يعيش ولد لثمانية أشهر.

وقال وهب: إن مريم لما حملت بعيسى، كان معها ابن عم لها، يقال له: يوسف النجار وكانا يخدمان المسجد، ولا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد عبادة، واجتهادا منهما، وأول من علم بحمل مريم يوسف، فبقي متحيرا في أمرها، كلما أراد أن يتهمها ذكر عبادتها، وصلاحها، وأنها لم تغب عنه، وإذا أراد أن يبرئها رأى ما ظهر منها من الحمل، فأول ما تكلم به أن قال:

إنه وقع في نفسي من أمرك شيء، وقد حرصت على كتمانه، فغلبني ذلك، فرأيت أن أتكلم به أشفى لصدري. قالت: قل قولا جميلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>