الشرح: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، تكريما لمقامه الرفيع، وتشريفا لجاهه العظيم؛ أي: نحن أعطيناك يا محمد الخير الكثير الدائم في الدنيا، والآخرة، ومن هذا الخير نهر الكوثر، وخذ ما يلي:
عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدرّ، والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج، من شرب منه شربة؛ لم يظمأ بعدها أبدا». رواه ابن ماجه، والترمذي، وورد: أول من يرده فقراء المهاجرين، الدنس الثياب، الشعث الرؤوس؛ الذين لا يزوّجون المنعّمات، ولا تفتح لهم أبواب السّدد، يموت أحدهم، وحاجته في صدره، لو أقسم على الله لأبرّه. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-في قوله عز وجل:{إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ} قال: نهر في الجنة، عمقه سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، شاطئاه اللؤلؤ، والزبرجد، والياقوت، خصّ الله به نبيه صلّى الله عليه وسلّم قبل الأنبياء. رواه ابن أبي الدنيا موقوفا، والكوثر: وزنه: فوعل، وهو يدل على الكثرة.
وعن أنس-رضي الله عنه-قال: بينا الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا؛ إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟! قال:«أنزلت عليّ آنفا سورة». فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ} السورة. ثم قال:«أتدرون ما الكوثر؟». قلنا:
الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، فيه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد-أي: ينتزع، ويقتطع-منهم، فأقول: إنه من أمتي،