للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كانَ} فعل ماض ناقص، واسمه مستتر تقديره: «هو». {عَلِيماً:} خبر أول. {حَكِيماً:} خبر ثان، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {أَنْ،} والجملة الاسمية تعليلية، أو مستأنفة، لا محل لها.

{يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١)}

الشرح: {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ} أي: في دينه. وقيل: في جنته، فإن فسرت الرحمة بالدين؛ كان ذلك من الله تعالى، وإن فسرت بالجنة؛ كان دخول الجنة بسبب مشيئة الله جل جلاله، وتعالى شأنه، وفضله، وإحسانه، لا بسبب الاستحقاق، وهو فحوى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

«لن يدخل أحدا عمله الجنّة». قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: «ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله بفضله، ورحمته، فسدّدوا، وقاربوا، ولا يتمنينّ أحدكم الموت، إمّا محسنا؛ فلعلّه أن يزداد، وإمّا مسيئا؛ فلعلّه أن يستعتب». أخرجه البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-.

{وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ} أي: هيأ الله للظالمين عذابا أليما؛ لأنهم وضعوا العبادة غير موضعها.

قال النسفي-رحمه الله تعالى-: والآية حجة على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: قد شاء أن يدخل كلا في رحمته؛ لأنه شاء إيمان الكل، ولله أن يدخل من يشاء في رحمته، وهو الذي علم منه أن يختار الهدى.

الإعراب: {يُدْخِلُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى الله. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {يَشاءُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى الله، والمفعول محذوف وهو العائد، أو الرابط، والجملة الفعلية صلة (من) أو صفتها. {فِي رَحْمَتِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {يُدْخِلُ..}. إلخ في محل نصب حال من اسم (كان) المستتر، أو في محل نصب خبر ثالث لها، وهي بمعنى المستقبل هنا. {وَالظّالِمِينَ:} مفعول به لفعل محذوف، التقدير: ويعذب الظالمين، وبعضهم يقدر:

(أوعد، وكافأ) ولا ينصبه ما بعده؛ لأنه غير متعد، ولكنه يفسره في المعنى، ومثل هذه الآية قول الربيع بن ضبع الفزاري: [المنسرح]

أصبحت لا أحمل السّلاح ولا... أملك رأس البعير إن نفرا

والذّئب أخشاه إن مررت به... وحدي وأخشى الرّياح والمطرا

التقدير: أخشى الذئب أخشاه. قال الزجاج: والاختيار النصب، وإن جاز الرفع، تقول:

أعطيت زيدا، وعمرا أعددت له برا. فيختار النصب، أي: وبررت عمرا، أو أبر عمرا، وقوله تعالى في سورة (الشورى) رقم [٨]: {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} ارتفع (الظالمون)؛ لأنه لم يذكر بعده فعل يقع عليه، فينصب في المعنى، فلم يجز العطف على

<<  <  ج: ص:  >  >>