للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{سِرًّا وَعَلانِيَةً:} حالان من واو الجماعة بمعنى: مسرين، ومعلنين. قال أبو البقاء: هما مصدران في موضع الحال. وقيل: هما منصوبان على نزع الخافض. وجملة: {يَرْجُونَ تِجارَةً} في محل رفع خبر {إِنَّ}. وقيل: الخبر الجملة الاسمية: {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} وعليه فالجملة الفعلية المذكورة في محل نصب حال ثانية من واو الجماعة أيضا، وجملة: {لَنْ تَبُورَ} في محل نصب صفة: {تِجارَةً}.

{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)}

الشرح: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} أي: إن الذين يقرءون القرآن، ويتدبرون آياته، ويعملون بأوامره: من صلاة، وصدقة، وصوم، وبر، وإحسان... إلخ، إنما فعلوا ذلك، ويفعلونه؛ ليعطيهم أجورهم عليها يوم القيامة كاملة غير منقوصة. {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي: يمنحهم من كرمه، وجوده ورضوانه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وفي أبي السعود: أي: يتفضل عليهم بأشياء لم توعد لهم بخصوصياتها، أو بمقاديرها، ولا يخطر ببالهم كيفياتها، ولا كمياتها؛ بل إنما وعدت بطريق الإجمال في مثل قوله تعالى:

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ} الآية رقم [٢٦] من سورة (يونس) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال، يقول الله تبارك وتعالى: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». وغير ذلك من المواعيد الكريمة. انتهى. جمل. خرج الحديث في الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه. وهو ما في القرطبي، وأسنده الخازن إلى أبي هريرة، رضي الله عنه. {إِنَّهُ غَفُورٌ:} كثير الغفران لعباده المؤمنين، المطيعين، المخبتين، إن وقع منهم هفوات.

{شَكُورٌ} لهم على أعمالهم الصالحة، ويفسر في حقه تعالى بالذي يعطي على العمل الصالح في أيام معدودة نعما في الآخرة غير محدودة.

الإعراب: {لِيُوَفِّيَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله)، والهاء مفعول به أول، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يَرْجُونَ،} أو بالفعل {تَبُورَ،} أو بفعل محذوف، التقدير: فعلوا ذلك؛ ليوفيهم. {أُجُورَهُمْ:} مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة.

{وَيَزِيدَهُمْ:} معطوف على ما قبله، منصوب مثله، والفاعل يعود إلى الله، والهاء مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف، التقدير: يزيدهم ما يليق بكرمه، وجوده. {مِنْ فَضْلِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {غَفُورٌ شَكُورٌ:} خبر: (إنّ)، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>