رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجدله، كما يرتفع لغط القوم ولجبهم إذا تعيّوا بحجة، ثم فتحت عليهم. وأما من قرأ: «(يصدون)» بالضم، فمن الصدود؛ أي: من أجل هذا المثل يصدون عن الحق، ويعرضون عنه. وقيل: من الصديد، وهو الجلبة، وأنهما لغتان، نحو: يعكف، ويعكف، ولهما نظائر.
انتهى. كشاف بتصرف. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٧]. هذا؛ ولو عقل ابن الزبعرى آية الأنبياء السابقة لما فرح؛ لأن (ما) لغير العاقل. وروي: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «ما أجهلك بلغة قومك أما تعلم: أن «من» للعاقل و «ما» لغيره».
الإعراب:{وَلَمّا:} الواو: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٣٠]. {ضُرِبَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {اِبْنُ:} نائب فاعله، وهو المفعول الأول، و {اِبْنُ} مضاف، و {مَرْيَمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي. {مَثَلاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة «لما» إليها، على اعتبارها ظرفا، ولا محلّ لها على اعتبار (لمّا) حرفا؛ لأنها ابتدائية. {إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} انظر: {إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ} في الآية رقم [٤٧] فالإعراب لا يتغير.
الشرح:{وَقالُوا} أي: كفار قريش. {أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعنون: محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فنعبده، ونطيعه، ونترك آلهتنا. وقيل: معنى {أَمْ هُوَ} يعني: عيسى، فهم يعنون: أنّ آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى، وإذا كان عيسى من حصب النار؛ كان أمر آلهتنا هينا. {ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً} أي: إلاّ لأجل الجدل، والغلبة في القول، لا لطلب التمييز بين الحق، والباطل. {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ:} لدّ شدّاد الخصومة، دأبهم اللجاج، والجدال بالباطل، كقوله تعالى في سورة (مريم) رقم [٩٧]: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا}. فعن أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه، إلاّ أوتوا الجدل». ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:{ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}. أخرجه الترمذي.
الإعراب:{وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): ماض، وفاعله، والألف للتفريق.
{أَآلِهَتُنا:} الهمزة: حرف استفهام. (آلهتنا): مبتدأ، و (نا): في محل جر بالإضافة. {خَيْرٌ:}
خبره، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {أَمْ:} حرف عطف معادل للهمزة.
{هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، خبره محذوف، التقدير: أم هو خير، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. وقيل:
الضمير معطوف على:(آلهتنا) عطف مفرد على مفرد، وجملة:{وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على (لما)، ومدخولها لا محلّ لها مثله.