للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإنس، والجن الذين استمتع بعضهم ببعض». وقد قدم، وأخر بعضهم في التقدير. وهذا أحسن كما رأيت الكثير منه فيما مضى. {نُوَلِّي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {بَعْضَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الظّالِمِينَ:}

مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم. {بَعْضاً:}

مفعول به ثان، فالأول هو المولّى، والثاني هو المولّى عليه. وقدر الجلال: «على بعض» فكأنه يعني: أنه منصوب بنزع الخافض، ولا مبرر له؛ لأن الفعل ينصب مفعولين صريحين، تقول:

ولّيت محمودا عملا. وهو واضح إن شاء الله تعالى. {بِما:} متعلقان بالفعل: {نُوَلِّي} وانظر إعراب: {بِما كانُوا يَمْكُرُونَ} في الآية رقم [١٢٤].

{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)}

الشرح: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:} انظر الآية رقم [١٢٨]. {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ:} الرسل من الإنس خاصة، لكن لما جمعوا مع الجن في الخطاب صح ذلك، ونظيره قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} والمرجان يخرج من الملح دون العذب، وتعلق بظاهره قوم منهم الضحاك، ومقاتل، وقالوا: بعث إلى كل من الثقلين رسل من جنسهم. وقيل: الرسل من الجن رسل المرسل إليهم، وهو ما حصل حينما سمع بعض الجن القرآن من النبي صلّى الله عليه وسلّم، فآمنوا، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين. اقرأ آيات سورة (الأحقاف): {وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ..}. وسورة (الجن) بكاملها تفهم ذلك؛ إن كنت من أهل القرآن، والإيمان.

{يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي:} يتلونها عليكم مع التوضيح، والتبيين، والقاص من يحكي القصة، ومن أحسن من الله قصصا، ولكن أكثر الناس لا يعقلون. وانظر الآية رقم [٤].

{وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} أي: ويخوفونكم من يوم القيامة العظيم شأنه، الشديد هوله، الطويل زمانه، الذي تعرضون فيه على ربكم. {قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا} أي: نقر، ونعترف: أنه وصل إلينا ما ذكر من إرسال الرسل، وإنذارهم إيانا. {وَغَرَّتْهُمُ:} خدعتهم، وفتنتهم. {الْحَياةُ الدُّنْيا:}

انظر الآية رقم [٢٩]. {وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ..}. إلخ: أي: اعترفوا بكفرهم، وخروجهم عن طاعة ربهم. وهذه الشهادة منهم غير المتقدمة كما ترى، فلا تكرار في الكلام. بعد هذا انظر شرح: {رُسُلٌ} في الآية رقم [٨٣] (المائدة) وشرح (يوم) في الآية رقم [١٢٨] وشرح: {أَنْفُسِنا} في الآية رقم [٧/ ٨] وشرح (الكفر) في الآية رقم [٣٦] من سورة (المائدة).

<<  <  ج: ص:  >  >>