{لِيُذِيقَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، أو هي لام العاقبة، والمآل، والفاعل ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى {اللهُ،} ويؤيده قراءة الفعل بالنون، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {بَعْضَ:} مفعول به ثان، و {بَعْضَ} مضاف، و {الَّذِي} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة، والجملة بعده صلته، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: بعض الذي عملوه، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {ظَهَرَ،} أو هما متعلقان بفعل محذوف، تقديره: عاقبهم بذلك؛ ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها، وجملة يرجعون في محل رفع خبرها، والجملة الاسمية مفيدة للتعليل لا محل لها من الإعراب.
الشرح:{قُلْ سِيرُوا..}. إلخ: هذا أمر موجه للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ليرشد قومه بالسير في الأرض، والنظر بما فعل الله بالأقوام الذين كذبوا رسلهم؛ حيث أهلكهم بتكذيبهم إياهم، وكيف خلت منهم مساكنهم، فهو أمر للكفرة لينظروا نظرة تبصر، واعتبار، لا نظرة غفلة، وإهمال، كما قال تعالى في آية أخرى:{ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}. وفيه تهديد، ووعيد لأهل مكة، ولكلّ المكذبين. {كانَ أَكْثَرُهُمْ:} أكثر الأمم السابقة. {مُشْرِكِينَ:} فيه بيان على أن سوء عاقبتهم كان لفشو الشرك فيهم، أو كان الشرك في أكثرهم، وما دونه من المعاصي كان في قليل منهم، ومع ذلك فقد أهلكوا جميعا. فاعتبروا يا أولي الألباب.
تنبيه: قال الله تعالى هنا {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا،} وقال في سورة (الأنعام) رقم [١١]:
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا} والفرق بينهما: أن النظر هنا جعل مسببا عن السير، فكأنه قال:
سيروا؛ لأجل النظر، ولا تسيروا سير الغافلين، ومعنى السير هناك إباحة السير للتجارة وغيرها، وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك ب:{ثُمَّ} التي للتراخي لتباعد ما بين الواجب، والمباح. انتهى. نسفي من سورة (الأنعام) بتصرف كبير.
هذا؛ وعاقبة كل شيء: آخره، ونتيجته، ومصيره، ومآله، ولم يؤنث الفعل:{كانَ} لأن {عاقِبَةُ} مؤنث مجازي وما كان منه يستوي فيه التذكير، والتأنيث. أو لأن {عَقِبِهِ} اكتسب التذكير من المضاف إليه.
الإعراب:{قُلْ:} فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر تقديره:«أنت».
{سِيرُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} جار