للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرفع، والجر، والنصب، فالرفع فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه خبر المبتدأ. والثاني: أنه صفة ل‍: {خالِقٍ} على الموضع، وخبره أحد وجهين ذكرتهما. والثالث: أنه مرفوع باسم الفاعل على جهة الفاعلية؛ لأن اسم الفاعل قد اعتمد على أداة الاستفهام، فيكون قد سد مسد خبره. وعلى هذا الوجه؛ فجملة {يَرْزُقُكُمْ..}. إلخ إما صفة، أو مستأنفة، ورجح هذا، وأما الجر؛ فهو صفة:

{خالِقٍ} على اللفظ، وأما النصب؛ فهو على الاستثناء. وخبر المبتدأ أحد وجهين رأيتهما آنفا.

و {غَيْرُ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه.

{يَرْزُقُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {خالِقٍ،} والكاف مفعوله الأول. {مِنَ السَّماءِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. و (الأرض): معطوف على ما قبله، وجملة: {يَرْزُقُكُمْ..}. إلخ رأيت ما فيها من أوجه الإعراب فيما قبلها. {لا:} نافية: للجنس تعمل عمل: «إن». {إِلهَ:} اسم: {لا} مبني على الفتح في محل نصب، وخبرها محذوف، تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر. {هُوَ:}

ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: اعتباره بدلا من اسم:

{لا} على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء. والثاني: اعتباره بدلا من: {لا} واسمها؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء. والثالث: اعتباره بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف. وهو الأولى، والأقوى، والجملة الاسمية: {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} مستأنفة، لا محل لها مسوقة لتقرير النفي المستفاد مما قبلها. {فَأَنّى:} الفاء: حرف استئناف. (أنى): اسم استفهام مبني على السكون، وفيه معنى التعجب، والإنكار، والتوبيخ في محل نصب حال، عامله ما بعده. {تُؤْفَكُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة. هذا؛ وإن اعتبرت الفاء الفصيحة؛ فلا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكر حاصلا وواقعا فأنى تؤفكون.

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)}

الشرح: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} أي: وإن يكذبك هؤلاء المشركون يا محمد؛ فاصبر، وتأسّ بمن سبقك من الرسل. {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} أي: رسل ذوو عدد كثير، وأولو آيات بينات، وأهل أعمار طوال، وأصحاب صبر، وعزم، فلك بهم أسوة، فإنهم كذلك جاءوا أقوامهم بالبينات، وأمروهم بالتوحيد، وعبادة الله تعالى، فكذبوهم، وخالفوهم. وتنكير (رسل) للتعظيم، والإشارة إلى كثرتهم المقتضية زيادة التسلية، والحث على المصابرة. وانظر شرح: «الرسول» في الآية رقم [١] من سورة (الأحزاب). {وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ:} فيجازيك على صبرك، ويجازيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>