للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {مُبِينٍ:} اسم فاعل من «أبان» الرباعي، أصله: مبين، بسكون الباء وكسر الياء، فنقلت كسرة الياء إلى الباء بعد سلب سكونها؛ لأن الحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، ولا تنس: أن اسم الفاعل من بان الثلاثي بائن، أصله باين، وإعلاله مثل إعلال (قائم) في الآية رقم [١٢] من سورة (يونس) عليه السّلام.

الإعراب: {تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {آياتُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْكِتابِ:} مضاف إليه.

{وَقُرْآنٍ:} معطوف على ما قبله. {مُبِينٍ:} صفته، والجملة الاسمية: {تِلْكَ..}. إلخ ابتدائية لا محل لها، أو هي في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اقرأ، أو اتل، ونحو ذلك.

{رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢)}

الشرح: {رُبَما يَوَدُّ:} قرئ بتشديد الدال وتخفيفها، و (ربّ) للتقليل، ورجح ابن هشام أنها هنا للتكثير؛ لأن الآية مسوقة للتخويف، وقد زيدت (ما) معها لتهيئها للدخول على الجملة الفعلية، ويغلب أن يكون الفعل بعدها ماضيا لفظا ومعنى، لكن لما كان المرتقب في إخبار الله تعالى كالماضي في تحققه أجري مجراه في هذه الآية.

وقال ابن هشام في مغنيه: وفي «رب» ست عشرة لغة، ضم الراء وفتحها، وكلاهما مع التشديد والتخفيف، والأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة، أو محركة، ومع التجرد منها، فهذه اثنتا عشرة، والضم والفتح مع إسكان الباء، وضم الحرفين مع التشديد، ومع التخفيف. انتهى.

أقول: لم تذكر «رب» في غير هذه الآية من القرآن الكريم، ويكثر ذكرها في الشعر العربي، والكلام العربي، وهي حرف جر شبيه بالزائد لا يتعلق بشيء، فمحل مجرورها في نحو «ربّ رجل صالح عندي» رفع على الابتدائية، وفي نحو «رب رجل صالح لقيت» على المفعولية، وفي نحو «ربّ رجل صالح لقيته» رفع، أو نصب، كما في قولك: «هذا لقيته» وكثيرا ما تحذف في الشعر، وتحل الواو محلها، وتسمى حينئذ واو رب، ولا يجمع بينها وبين الواو، ويجب تصديرها في أول الكلام، وتنكير مجرورها، ونعته إن كان ظاهرا، وإفراده، وتذكيره، وتمييزه بما يطابق المعنى؛ إن كان ضميرا، وانظر بحثها وشواهدها في كتابنا: «فتح القريب المجيب» إعراب شواهد مغني اللبيب.

{يَوَدُّ:} يتمنى، ويحب، والماضي: ود، والود: الحب، وهو بتثليث الواو، والودود:

الكثير الحب. {لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ:} لقد اختلف في تمني إسلامهم متى يكون، فقيل: حين معاينة نصر المسلمين عليهم. وقيل: عند نزول الموت بهم. وقيل: عند القيامة. وقيل: عند إخراج المسلمين المجرمين من نار الجحيم، وهو المشهور، فعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-

<<  <  ج: ص:  >  >>