والجملة الفعلية:{فَما أَغْنى..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.
{فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١)}
الشرح:{فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا} أي: جزاء سيئات أعمالهم، أو: جزاء أعمالهم، وسمى الله الجزاء سيئة؛ لأنه في مقابلة أعمالهم السيئة، كقوله تعالى:{وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} الآية رقم [٤٠] من سورة (الشورى)، وقال في آخر سورة (النحل) الآية [١٢٦]: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ،} وهذا ما يسمى في فن البديع بالمشاكلة، وقد ذكرته لك مرارا في محالّه، ومنه قول الشاعر وهو ابن الرقعمق:[الكامل]
قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه... قلت اطبخوا لي جبّة وقميصا
{وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ} أي: ظلموا أنفسهم بالكفر، ومخالفة الواحد القهار. والمراد بهم: كفار قريش. {سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا:} كما أصاب أولئك السابقين، وقد أصابهم البلاء بأنواعه، فإنهم قحطوا سبع سنين؛ حتى أكلوا الجيف، وقتل ببدر صناديدهم، ونزل بهم من الذل، والخزي، والعار ما هو مسطور، ومشهور. {وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ} أي: وليسوا بفائتين من عذابنا، لا يعجزوننا هربا، ولا يفوتوننا طلبا. هذا؛ وانظر شرح {أَصابَ} في الآية رقم [٣٦] من سورة (ص). هذا؛ وقال تعالى في سورة (العنكبوت) رقم [٢٢]: {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ}. واقتصر في سورة (الشورى) رقم [٣١] على (الأرض) وقد حذفا هنا معا للاختصار. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{فَأَصابَهُمْ:} الفاء: حرف عطف. (أصابهم): فعل ماض، والهاء مفعول به.
{سَيِّئاتُ:} فاعله، و {سَيِّئاتُ} مضاف، و {ما:} مبنية على السكون في محل جر بالإضافة، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: سيئات الذي، أو:
شيء كسبوه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر بالإضافة، التقدير: سيئات كسبهم في الدنيا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَالَّذِينَ:} الواو:
حرف استئناف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة:{ظَلَمُوا} صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ:} حرف جر. {هؤُلاءِ:} الهاء: حرف تنبيه، لا محل له. (أولاء):
اسم إشارة مبني على السكر في محل جر ب:{مِنْ،} والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، و {مِنْ} بيان لما أبهم في الموصول. {سَيُصِيبُهُمْ:} السين: حرف استقبال.